ولو سلّمنا جدلاً انّ في بيت علي شيء من المال ، فهو لا يخلو إمّا أن يكون هو مال علي ، فليس من حق أبي بكر أو غيره أخذ أموال الناس منهم بالباطل ، وإمّا أن يكون من مال غيره وعنده وديعة ، فلا يصح بوجه لأبي بكر أو غيره التعدي عليه وأخذه ، أو هو مال المسلمين وضعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عنده ، فما بال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يختزن في بيت علي مال المسلمين ؟ ولم يرد في التاريخ انّه فعل ذلك ولو مرة واحدة ، بل الذي باتفاق أهل السيرة انّه كان لا يبقي عنده قليلاً ولا كثيراً ، بل كان يعجّل إنفاقه ولا يبيت عنده شيء منه.
أخرج البسوي في كتاب المعرفة والتاريخ (١) ، باسناده عن علي انّ عمر استشار الناس فقال : ما تقولون في فضل عندنا من هذا المال ؟
قالوا : يا أمير المؤمنين قد شغلتك ـ أو شغلناك ـ عن أهلك وضيعتك وتجارتك فهو لك.
قال لي : ما تقول أنت ؟ فقلت : قد أشاروا عليك ، قال : قل.
قلت : يا أمير المؤمنين لم تجعل يقينك ظناً وعملك جهلاً ؟.
قال : لتخرجن ما قلت أو لأعاقبنك.
قلت : أجل إذاً والله لأخرجن منه ، أما تذكر إذ بعثك رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ساعياً ، فأتيت العباس فمنعك صدقته ، فكان بينكما ، فأتيتني فقلت : انطلق معي إلى النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم حتى أخبره بما صنع العباس ، فأتيناه فوجدناه خاثراً (٢) فرجعنا ، ثم أتيناه من الغد فوجدناه طيّب النفس ، فذكرت له الذي صنع العباس فقال : أما علمت يا عمر انّ عم الرجل صنو أبيه ، وقال : إنّا كنا احتجنا فاستسلفنا العباس صدقة عامين.
_____________________
١ ـ المعرفة والتاريخ ١ : ٥٠٠.
٢ ـ خاثر : ثقيل غير نشيط.