قال : وذكرنا الذي رأينا من خثوره في اليوم ( الأول ) والذي رأيناه من طيب نفسه في اليوم ( الثاني ) ، فقال : إنّكما أتيتماني في اليوم الأول وقد بقي عندي من الصدقة ديناران ، فكان الذي رأيتماني من خثوري لذلك ، ثم أتيتماني اليوم وقد وجهتها وكان الذي رأيتما من طيب نفسي لذلك.
قال عمر : صدقت والله ، أما والله لأشكرنّ لك الاُولى والآخرة.
قلت : يا أمير المؤمنين فلم تعجل العقوبة وتؤخر الشكر.
أقول : فإذا كانت هكذا حال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لدينارين بقيا عنده ، فهل يعقل أن يكون قد أحرز مالاً في بيت علي عليهالسلام فكان كبس أبي بكر ـ فيما يراه ابن تيمية ـ لأخذ ذلك المال لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه ؟
وكأنّ ابن تيمية لم يعلم كيف كانت سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يأتيه من المال ؟
ألم يقرأ قصة المال الذي بعث به ابن الحضرمي من البحرين ، وكان ثمانين ألفاً وما أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مالاً أكثر منه لا قبلُ ولا بعدُ ، فنثرت على حصير ونودي الصلاة ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فشدّ قائماً على المال ، وجاء أهل المسجد ، فما كان يومئذٍ عدد ولا وزن ، ما كان إلّا قبضاً ... فما زال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ماثلاً على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم ، وما بعث إلى أهله بدرهم ، ثم أتى الصلاة فصلى (١).
ومن السخرية أيضاً بعقول الناس حين يقول : ( إنّما ينقل مثل هذا جهال الكذابين ، ويصدقه حمقى العالمين الذين يقولون انّ الصحابة هدموا بيت فاطمة عليهاالسلام وضربوا بطنها حتى أسقطت ). وقد مرت بنا نصوص تثبت الإدانة عن جهابذة الحديث والتاريخ ، فإذا كانوا كلهم من جهال الكذابين ، فممن كان يأخذ ابن تيمية علمه ؟
_____________________
١ ـ طبقات ابن سعد ٤ ، ق ١ : ٩ ، والمعرفة والتاريخ للبسوي ١ : ٥٠٣.