استخذاء في تاريخه (١) ، وقد ذكر وقعة الجمل وختم بقوله :
( هذا أمر الجمل ملخص من كتاب أبي جعفر الطبري ، اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين ).
وهذا كما هو تعريض صريح بابن قتيبة ، فهو تلويح إلى كتاب ( الإمامة والسياسة ) ، إذ لم يرد عند ابن قتيبة في بقية كتبه ما يثير حفيظة ابن خلدون وأضرابه كما ورد في كتاب ( الإمامة والسياسة ).
ولئن تحاشى ابن خلدون التصريح باسمه وحشره مجملاً مهملاً في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين ، فإنّ ابن العربي المالكي ( ت ٥٤٣ هـ ) تحامل صريحاً فذكر ابن قتيبة ووصفه بالجاهل العاقل ( ؟ ) فقال في كتابه ( العواصم من القواصم ) (٢) :
( ومن أشد شيء على الناس جاهل عاقل ، أو مبتدع محتال ، فأمّا الجاهل فهو ابن قتيبة ، فلم يبق ولم يذر للصحابة رسماً في كتاب ( الإمامة والسياسة ) إن صح جميع ما فيه ... ) ونحن حسبنا تصريحه بصحة نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى ابن قتيبة ، فلنا شهادته بصحة النسبة ، وله رأيه في جميع ما فيه.
وكذلك كان ابن حجر الهيتمي في كتابه تطهير الجنان واللسان (٣) ، فقد نعى على ابن قتيبة ذكر ما شجر بين الصحابة فقال :
( وقد علمت مما قدّمته في معنى الإمساك عن ذلك ، أنّ عدم الإمساك امّا أن يكون واجباً لا سيما مع ولوع العوام به ، ومع تآليف صدرت من بعض المحدّثين كابن قتيبة مع جلالته القاضية بانّه كان ينبغي له أن لا يذكر تلك الظواهر ، فإن أبى إلّا ذكرها فليبيّن جريانها على قواعد أهل السنّة ، حتى لا يتمسك مبتدع أو جاهل بها ... ).
_____________________
١ ـ تاريخ ابن خلدون ٢ : ١٠٩٠.
٢ ـ العواصم من القواصم : ٢٤٨.
٣ ـ تطهير الجنان واللسان : ٤٣.