وقد علّق محقق الكتاب على ذلك بقوله في هامش صفحة / ٤٤ ، فذكر قول ابن العربي في العواصم ـ وقد مر نقله ـ ثم قال : وكالمبرّد في كتابه الأدبي ، وأينَ عَقلُهُ من عقل ثعلب الإمام المتقدم في أماليه ، فانّه ساقها بطريقة أدبية سالمة من الطعن على أفاضل الأمة ، وأمّا المبتدع فالمسعودي فإنّه يأتي منه متاخمة الالحاد فيما روى من ذلك ، إمّا البدعة فلا شك فيه ، هذا وقد ذكر العلماء ان الإمامة والسياسة ليست لابن قتيبة ، لأنّه يروي فيه عن عالمين كبيرين في مصر ولم يدخلها ولم يأخذ عنهما ، والمعروف عن المبرّد ينزع إلى رأي الخوارج ، وأمّا المسعودي فهو من كبار الشيعة وله في نحلتهم مؤلفات.
أقول : ليت المحقق صرح لنا بأسماء العلماء الذين ذكروا انّ الإمامة والسياسة ليس لابن قتيبة ، لننظر في مدى صحة آرائهم وحججهم ، لكنه هو الآخر فيما يبدو لي تأثر بتشكيك المستشرقين ، وستأتي مناقشتهم فيما ذكروه حول الكتاب.
وقد كان الأولى به أن ينهج نهج العلّامة الشيخ محمد زاهد الكوثري في انصاف ابن قتيبة ، حيث قال في مقدمة كتاب ( الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبّهة ) لابن قتيبة (١) ، وهو يذكر أهمية الكتاب للمتأدب والمتكلم والمفيد ... فقال : ( وأمّا المتكلم الذي يرى ابن قتيبة هجّاءً ولوجاً فيما لا يحسنه ، كرّاميّاً مشبّهاً غير متثبت في نقل ما شجر بين الصحابة ، منحرفاً عن أهل بيت النبوة ( رضي الله عنهم ) ، نظر إلى كتاب الإمامة والسياسة المعزوّ إليه من قديم الدهر إلى غير ذلك مما هو مثبوت في كتب خاصة يلفيه قد رجع إلى الصواب في كثير من تلك المسائل ، ولطّف لهجته في جملة منها ).
_____________________
١ ـ مقدمة الكتاب.