ثانياً ، تحريف الجناة :
لقد عبثت أيادٍ غير أمينة بكتاب المعارف لابن قتيبة فحرّفت ما وسعها ذلك ، فطالت بعض النصوص بالزيادة والنقصان ، والتغيير والتبديل ، وهذا ما أخفى كثيراً من الحقائق عن أعين الناس ، خصوصاً فيما يتعلّق بأنصار الخلافة في أحداث السقيفة وما بعدها ، وللتدليل على هذا نذكر بعض الشواهد :
١ ـ قال الحافظ ابن شهرآشوب السروي ( ت ٥٨٨ هـ ) في كتابه مناقب آل أبي طالب وهو يذكر أولاد فاطمة الزهراء عليهاالسلام قال : ( وفي معارف القتبي أن محسناً فسد من زحم قنفذ العدوي ). فهذا النص لا يوجد في المطبوع من كتاب المعارف في طبعاته الثلاث الأوربية والمصريتين.
والذي يؤكّد رواية ابن قتيبة له ما ذكره الحافظ الكنجي الشافعي ( ت ٦٥٨ هـ ) في كتابه كفاية الطالب في ذكر أولاد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام نقلاً عن غير واحد من أهل السير ، فذكر التفاوت فيما بين رواياتهم مقارناً ذلك بما رواه الشيخ المفيد موافقاً لهم ومنفرداً عنهم ، إلى أن قال : وزاد على الجمهور وقال : ( انّ فاطمة عليهاالسلام أسقطت بعد النبي ذكراً كان سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم محسناً ) (١). ثم قال الكنجي الشافعي : ( وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلّا عند ابن قتيبة ).
فهذا نحو تأكيد على وجود النص في كتاب المعارف كما نقله عنه ابن شهرآشوب ، إذ لا نحتمل وجوده في بقية كتب ابن قتيبة ـ لتغاير موضوعاتها عما ذكر ـ غير المعارف إلّا كتاب الإمامة والسياسة فهو وإن كان أقرب احتمالاً ، إلّا انّ هذا ليس فيه النص المذكور.
_____________________
١ ـ كفاية الطالب : ٤١٣.