وليس من المعقول ولا من المقبول إتهام ابن شهرآشوب والكنجي بالتواطؤ في التقوّل على ابن قتيبة ، لاختلافهما مذهباً ومشرباً وزماناً ومكاناً ، مضافاً إلى ما نجده في كتب الرجال والتراجم من جميل الثناء عليهما ممن لا يتهم فيهما بمحاباة.
٢ ـ جاء في كتاب ( الأربعون العشارية ) (١) لعبد الرحيم بن الحسين العراقي ( ت ٨٠٦ هـ ). ( وقد ذكر عكراش في بعض المشاهد ، فذكر ابن قتيبة انّه حضر مع علي رضياللهعنه وقعة الجمل وأخذه ابن دريد من أبي محمد بن قتيبة ، فانّه حكى في كتاب المعارف انّ عكراشاً حضر مع عليّ وقعة الجمل وانّ علياً مسح رأسه ، وعاش عكراش بعد ذلك مائتي سنة ، فهذه الحكاية لم يروها بإسناد ، وعلى تقدير ثبوتها فالمراد انّه أكمل بعد ذلك مائة سنة ، فكان جميع عمره مائة سنة ).
هذا كله لا يوجد في المطبوع من كتاب المعارف ، والأنكى من ذلك انّه ورد في ص ٣١٠ من الطبعة المحققة : ( عكراش بن ذؤيب رضياللهعنه هو من بني تميم ... وشهد الجمل مع ( عائشة ) فقال الأحنف ـ وهو من رهطه ـ كأنّكم وقد جيئ به قتيلاً أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت ، فضُرب ضربة على أنفه ، فعاش بعدها مائة سنة والضربة به ).
فيا ترى من الذي تولّى كبر التحريف ، فاستبدل بوقوف عكراش مع علي عليهالسلام في الجمل ، وقوفه مع عائشة ؟ ومن الذي محا كرامة مسح الإمام لرأس عكراش ، بضربة على أنفه ، وقول الأحنف ؟
وأود أن ألفت نظر القارئ إلى أمر ذي بال في المقام ، وهو انّ ابن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) ذكر في تهذيب التهذيب والإصابة في معرفة الصحابة
_____________________
١ ـ الأربعون العشارية ١ : ١٧٤.