ثم هل نسي عليّ أنّ حرب هو والد أم جميل ـ وهي حمالة الحطب ـ التي كانت تؤذي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نزلت سورة في ذمها وذم زوجها ، فقال تعالى : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) (١) فهل يُعقل أنّ علياً لا يعرف مَن هو حرب ؟ ومن هم آباء حرب ؟ ومن هم أبناء حرب حتى يغرم باسم حرب ؟
والآن بعد هذا الخطو السريع في رحاب التاريخ ، فهل رأينا من دافع أو شافع مغر يحمل علياً على التهالك في تسمية أبنائه ( بحرب ) ؟
هل كانت بين البيتين في ميزان التفاضل موازنة صحيحة ، في منكب أو موكب يتساوى فيها رجال البيتين ؟ هل كانت لدى المقارنة بين رجال الحييّن مساواة في حول أو طول ؟ ثم أليس هو القائل في هذا المضمار رداً على معاوية حفيد حرب :
وأما قولك : إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن ، ولكن ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق ، ولا المحق كالمبطل ، ولا المؤمن كالمدغل ، ولبئس الخلف خلفاً يتبع سلفاً هوى في نار جهنم (٢).
ألم يسمع علي قول أبيه في بني حرب حيث يقول :
قديماً أبوهم كان عبداً لجدنا |
|
بني أمة شهلاء جاش بها البحر |
لقد سفهوا أحلامهم في محمّد |
|
فكانوا كجعر بئس ما ظفطت جعر (٣) |
_____________________
١ ـ المسد : ١ ـ ٥.
٢ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٢١٩.
٣ ـ نفس المصدر ٤ : ٤٦٧.