كيف لم يسمع ؟ وكيف لم يعلم ؟ والأمر بين الحييّن من الوضوح حتى كان يعرفه بنو هاشم كما يعرفه أبناء حرب أنفسهم.
فهذا ابن جعفر يقول ليزيد بن معاوية مفاخراً له بحضور أبيه معاوية : بأيّ آبائك تفاخرني ؟! أبحرب الذي أجرناه ؟ أم بأمية الذي ملكناه ؟ أم بعبد شمس الذي كفلناه ؟ فقال معاوية : لحرب بن أمية يقال هذا ؟ ما كنت أحسب أن أحداً في عصر حرب يزعم أنّه أشرف من حرب ، فقال عبد الله بن جعفر : بلى أشرف منه من كفأ إناءه عليه وجلّله بردائه ، فنهى معاوية ولده عن مفاخرة بني هاشم ، وأنّهم لا يجهلون ما علموا ، ولا يجد مبغضهم لهم سباً (١).
فاتضح من خلال ما تقدم أن ليس في شخصية حرب من دوافع مغرية تدعو الإمام علياً عليهالسلام لأن يحب أن يكتنى باسمه ، فيبقى الحديث المزعوم الذي لم يثبت لصنّاعه ما أرادوه ، حبراً على ورق فلا يسمن ولا يغني إذا ما قرأنا ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٢) بسنده عن سورة بنت مشرح قالت : كنت فيمن حضر فاطمة رضياللهعنها حين ضربها المخاض في نسوة ، فأتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ( كيف هي ؟ ) قالت : إنها لمجهودة يا رسول الله ، قال : ( فإذا هي وضعت فلا تسبقين فيه بشيء ) قالت : فوضعت فسروّه ولغفوه في خرقة صفراء ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ( ما فعلت ؟ ) قالت : قد ولدت غلاماً وسررته ولففته في خرقة ، قال : ( عصيتني ) قالت : أعوذ بالله من من معصية الله ومن غضب رسوله ، قال : ( ائتيني به ) فأتيته به ، فألقى الخرقة الصفراء ، ولفّه في خرقة بيضاء ، وتفل في فيه ، وألبأه بريقه ، فجاء علي رضياللهعنه فقال : ( ما سميته يا علي ؟ ) قال : سمّيته جعفراً يا رسول الله ، قال : ( لا ولكن حسن وبعده حسين ، وأنت أبو حسن الخير ) (٣).
_____________________
١ ـ نفس المصدر ٤ : ٤٣٥.
٢ ـ المعجم الكبير ٣ : ٢٣.
٣
ـ قال محقق الكتاب في الهامش : قال في المجمع ٩ : ١٧٥ ، رواه الطبراني بإسنادين في
أحدهما =