رفيقين في غزوة العُشيرة من بطن ينبع ، فلما نزلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقام بها شهراً ، فصالح فيها بني مدلج وحلفاءهم من ضمرة فوادعهم ، فقال لي علي : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ، فننظر كيف يعملون ؟ قال : قلت : إن شئت ، فجئناهم فنظرنا إلى أعمالهم ساعة ، ثم غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صور (١) من النخل وفي دقعاء (٢) من التراب فنمنا ، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرّكنا برجله ، وقد تربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها.
فيومئذٍ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : ما لك يا أبا تراب ؟ لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبلّ منها هذه ، وأخذ بلحيته.
وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده (٣) ، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٤) عن البزار ، والأسفراييني في معالم الاسلام كما في تاريخ ابن الوردي (٥) ، والديار بكري في تاريخ الخميس (٦) ، وورد في شرح المواهب للزرقاني (٧) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم ، وليس فيه : ( قم أبا تراب ) فمن الذي حذف
_____________________
١ ـ الصور وصيران وأصوار : النخل الصغير.
٢ ـ الدقعاء : التراب اللين.
٣ ـ مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٢٦٢ ؛ والحاكم في المستدرك ٣ : ١٤٠ ؛ والطحاوي في مشكل الآثار ١ : ٣٥١ ؛ والمتقي الهندي في كنز العمّال ١٥ : ١٢٣ ، وقال أخرجه البغوي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، وابن عساكر ، وابن النجار.
٤ ـ مجمع الزوائد ٩ : ١٣٦.
٥ ـ تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٩.
٦ ـ تاريخ الخميس ١ : ٣٦٤.
٧ ـ شرح المواهب ١ : ٣٩٥.