ذلك يا ترى ؟ وأخرجه الحسكاني في شواهد التنزيل ، والحمويني في فرائد السمطين (١) وغيرهم.
أقول : إنّ غزوة العُشيرة ـ بضم العين مصغراً بالشين وقيل بالسين المهملة آخرها هاء ـ بخلاف العسرة فهي غزوة تبوك ، أما هذه فمنسوبة لموضع بني مدلج بينبع.
وإذا رجعنا نستجوب كتب السيرة عن زمانها ، فهي تعيّن زمانها بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج إليها في جمادى الأولى أو الآخرة على رأس ستة عشر شهراً من الهجرة ، وسبب تلك الغزوات كانت وقعة بدر ، وقد ذكر الحلبي (٢) حديث تكنية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي بأبي تراب ، فعلى هذا التحديد الزمني ظهر أن التكنية كانت للمرّة الثانية ، وبعد مرور ما يقرب على سنة بعد المرة الأولى ، وأيضاً هي قبل ولادة الحسن عليهالسلام أول أبناء الإمام بأكثر من سنة ونصف.
المرة الثالثة في المسجد النبوي الشريف :
أخرج ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام (٣) بأسانيده عن أبي حازم أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال :
هذا فلان ـ لأمير المدينة ـ يدعو علياً عند المنبر ، قال : فيقول ماذا ؟ قال : يقول له : أبو تراب ، فضحك قال : والله ما سمّاه إلّا النبي صلىاللهعليهوسلم ، وما كان له اسم أحبّ إليه منه ، فاستطعمت الحديث سهلاً وقلت : يا أبا عباس كيف ؟ قال : دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أين ابنُ عمّكِ ؟ قالت : في المسجد ، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول : اجلس يا أبا تراب يا أبا تراب مرّتين.
_____________________
١ ـ فرائد السمطين ١ : ٣٨٤.
٢ ـ السيرة الحلبية ٢ : ١٢٦ ؛ وسيرة زيني دحلان بهامش الحلبية ١ : ٣٦١.
٣ ـ تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام ١ : ٢٢.