وهذا الإشكال يمكن دفعه : بان الملازمة لو أريد منها القضية الحقيقية الشرطية الصادقة على تقدير ثبوتها قبل تحقق الشرط والجزاء فهي كما أفيد لا حالة سابقة لها ، واما لو أريد بها القضية الفعلية الخارجية أي العلية واللزوم الفعلي من قبل الوجوب النفسيّ الفعلي للوجوب الغيري الفعلي المنتزعة في طول وجود العلة خارجا فهي مسبوقة بالعدم ـ ولو العدم الأزلي قبل تحقق الملزوم ـ.
ومنها ، ما يورد على الأصل في كلتا المسألتين الأصولية والفقهية من دعوى استحالة إجراء التعبد والأصل العملي في الوجوب الغيري مع احتمال الملازمة لأنه من التعبد فيما يحتمل استحالته ، إذ الملازمة لو كانت فالتفكيك بين اللازم والملزوم مستحيل.
وحيث انها محتملة كان التعبد المذكور مما يحتمل كونه من المستحيل ، وثبوت ما يحتمل استحالته مستحيل. وبعبارة أخرى : لا بد من ان تنتهي الأصول العملية والحجج الشرعية إلى نتيجة مقطوعة لا محتملة ، واحتمال الاستحالة في ثبوت التعبد مساوق مع عدم ثبوته.
وقد أجاب على هذا الإشكال في الكفاية : بأنه مبني على ثبوت التلازم بين الحكمين حتى في مرحلة الفعلية من الأحكام لا ما إذا قيل بان التلازم على تقديره انما هو بين الأحكام في مرحلة الواقع ، وقد يستظهر من سياق الكفاية الميل إلى التقدير الثاني كي يندفع به الإشكال (١).
فهنا كلامان ، أحدهما جريان الأصل فيما لو كانت الملازمة بين الوجوبين في مرحلة الأحكام الواقعية فقط ، والثاني عدم جريانه فيما إذا كانت الملازمة بينهما في مرحلة الأحكام الفعلية أيضا ، ولا بد من تمحيص كل منهما ، على ضوء المراد من مرحلة الفعلية ومرحلة الواقع في الأحكام الشرعية فانه توجد مصطلحات مختلفة في تفسير الفعلية.
الأول : الفعلية في مصطلح الكفاية حيث يريد المحقق الخراسانيّ ( قده ) بالحكم
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٢٠٠.