الموجود ومعه كيف يعقل ان يكون مانعا عنه أو يبرهن عليه : بأنه يستلزم التهافت في الرتبة لأن المانع متقدم رتبة على عدم الممنوع فلو كان متوقفا على عدم الممنوع كان متأخرا عنه وهو تهافت. وهذا غير إشكال الدور الّذي سوف تأتي الإشارة إليه فانه موقوف على الالتزام بلازم مدعى الخصم من توقف الضد على عدم الاخر وهو توقف عدم الاخر على وجود الضد الأول ، بينما هذا البرهان ينطلق من المدلول المطابقي لمدعى الخصم نفسه وهو توقف وجود الضد على عدم الضد الاخر من كلا الطرفين.
البرهان الرابع ـ وهو موقوف على امرين.
الأول ـ إثبات مانعية مقتضي أحد الضدين عن الضد الاخر ، وهذا نفس الأمر الأول في البرهان الأول غير انه نثبته هنا بطريق اخر غير ما أثبتناه به في ذلك البرهان فان ذاك البرهان كان ينطلق من فرض تساوي المقتضيين وكان ينتج ان المقتضي المساوي أو الأرجح يكون مانعا ، اما هنا فنقول : ان مقتضى أحد الضدين كالسواد مثلا اما ان يفترض اقتضائه للسواد مطلقا أي سواء كان الجسم أبيض أم لا ، أو يفترض ان أصل اقتضائه للسواد موقوف على عدم البياض ، أو يفترض انه يقتضي السواد الّذي لا بياض معه ، أي كما يقتضي السواد يقتضي بنفس ذلك الاقتضاء إعدام البياض الّذي هو معنى المانعية ، والفرض الأول من هذه الفروض الثلاثة مستحيل لأن سواد الأبيض محال ذاتا فيكون اقتضاء مقتض له اقتضاء للمحال واقتضاء المحال محال في نفسه.
لا يقال : المحال انما هو فعلية المقتضى ـ بالفتح ـ مع البياض والمفروض عدمه ولو باعتبار مانعية الضد بحسب مدعى الخصم. وبعبارة أخرى المقتضي في نفسه يقتضي ذات السواد ويكون عدم البياض شرطا في فعلية المقتضى.
فانه يقال : افتراض ان مقتضي السواد يقتضي في نفسه ذات السواد ولو في الأبيض عبارة أخرى عن انه مقتض للمحال وهو محال في نفسه لا ان فعلية مقتضاه محال ، والوجه في استحالته ان العلة باجزائها انما تتعلق في حق ما يكون ممكنا ذاتا لا واجبا في وجوده أو عدمه ، نعم هذا مخصوص بالمحال الذاتي لا المحال بالغير فان وجود المقتضي له معقول بل واقع كما لو افترض المقتضي مع المانع وفي المقام ندعي ان