استحالة اجتماع الضدين ذاتي وليس من جهة استلزامه وجود المعلول بلا تمامية علته ، فيؤخذ كمصادرة بديهية في هذا البرهان وهناك شاهدان يرشدان إلى ذلك.
أحدهما : أوضحية هذه الاستحالة من تلك الاستحالة بحيث حتى القائل بإمكان وجود المعلول بلا علة يقبل استحالة اجتماع الضدين.
الثاني ـ ان العقل يدرك استحالة اجتماع الضدين مع قطع النّظر عن كونهما ممكنين أو واجبين مما يدل على انه امتناع ذاتي لا من أجل عدم العلة والا لاختص بالممكن كما هو واضح.
وأما الفرض الثاني ، أعني توقف اقتضاء مقتضي أحد الضدين في نفسه على عدم الضد الاخر فيبطل بطريقين :
الأول ـ انه خلاف الوجدان فان فرض التضاد لا يقتضي ذلك وإن كان قد يتقيد مقتضي أحد الضدين بعدم الاخر ، كما إذا فرض عدم احتواء مكان لأكثر من شخص فعلق أحد الصديقين دخوله في ذلك المكان على عدم رغبة الاخر في الدخول إليه.
لا يقال ـ هذا في قوة ان يقال للخصم بان توقف أحد الضدين على عدم الاخر خلاف الوجدان.
فانه يقال : ان دعوى وجدانية عدم توقف أحد الضدين على عدم الاخر وان كان صحيحا الا ان هناك ما يوهم وجدانية خلافه لدى الخصم وهو المنافاة بين الضدين وعدم وجود أحدهما الا والاخر معدوم ، وهذا ليس هو الوجدان المدعى في المقام كي يقال انه محل النزاع. وانما المدعى وجدانية عدم توقف مقتضي أحد الضدين في نفسه على عدم الضد الاخر وهو مما يعترف به الخصم أيضا لوضوح إمكان اجتماع المقتضى لأحد الضدين مع وجود الضد الاخر.
الثاني ـ انه لو فرض أقوائية مقتضي السواد من مقتضي البياض فلو فرض توقف اقتضائه على عدم الضد الاخر كان معناه عدم تأثيره في إيجاد المقتضى ـ بالفتح ـ مهما كان المقتضي له قويا ما دام مشروطا بعدم تأثير المقتضي الضعيف ، مع وضوح تأثيره في فرض قوته وان كان المقتضي الضعيف موجودا.