وهذا التقريب أقل ما فيه : ان تعدد عنوان الموضوع للأمرين وكون أحدهما ذات المكلف والآخر المكلف العاصي لا يدفع المحذور طالما ينطبق العنوانان على مكلف واحد حيث يستلزم منه توجه التكليف بالضدين إليه وهو مستحيل.
وإن شئت قلت : ان مشكلة الأمر بالضدين لم تكن من ناحية اجتماع الأمرين الضدين في موضوع واحد كي يقال بأن هناك عنوانين يكون كل منهما معروضا لأحد الحكمين وانما كانت المشكلة المطاردة بين الأمرين والمزاحمة بينهما المستلزم للجمع بين الضدين والتكليف بغير المقدور ومن الواضح ان هذا المحذور لا يندفع سواء افترض الشرط علة للحكم أو موضوعا له.
التقريب الثاني ـ انه على القول بكون الشرائط أسباب ومؤثرات في إيجاد الحكم فالمؤثر يقتضي إيجاد أثره ما دام لم يوجد فإذا وجد الأثر وصار فعليا ينتهي دور المؤثر وإيجاده ، واما إذا كانت الشرائط مجرد موضوع يرتبط به الحكم فبوجود الموضوع لا يخرج المحمول على ذلك الموضوع والمرتبط به عن كونه منوطا ومشروطا به ، فالبياض الّذي موضوعه الجسم بوجود الجسم لا يخرج عن الارتباط به والترتب عليه بل هو منوط به ، وحينئذ نقول : إذا كان عصيان الأهم شرطا بمعنى المؤثر في إيجاد الأمر بالمهم فبوجود هذا الأخير يخرج الواجب المشروط عن كونه مشروطا إلى كونه فعليا وبالتالي مقتضيا مطلقا لفعل متعلقه المساوق مع ترك الأهم فيقع التطارد والتنافي بين الأمرين ، واما إذا كان العصيان شرطا بمعنى الموضوع فتحققه لا يخرج الأمر بالمهم عن كونه مشروطا به ومترتبا عليه فيستحيل أن يكون مقتضيا له وإلا كان دورا.
وهذا التقريب ظاهر من بعض عبائر تقريرات هذا المحقق ( قده ).
ويرد عليه :
ان الإناطة والارتباط كما لا ترتفع عن الحكم وموضوعه بوجود موضوعه كذلك لا ترتفع عن الأثر ومؤثره بوجودهما ، فكما أن العرض بحاجة إلى موضوعه حتى بعد وجوده المعلول بحاجة إلى علته حتى بعد وجوده ، وكما ان الحكم يستحيل أن يحقق موضوعه ويقتضيه كذلك المعلول يستحيل أن يحقق علته ويقتضيها ، فالتفرقة بين الشرط بمعنى المؤثر والشرط بمعنى الموضوع من هذه الناحية مما لا محصل له.