فقد أحدثت مبادئ الإسلام وخاصة مبدأ الأخوة إنعطافاً اجتماعياً حاداً في أنماط تفكير وسلوك الغالبية الغالبة من المسلمين ، حيث كان الإنسان الجاهلي قبل الإسلام منكفئاً على ذاته ، ومتقوقعاً داخل أسوار نفسه ، فغدا بفضل الإسلام إنساناً إجتماعياً يشعر بمعاناة إخوته ، ويمدّ يده العون لهم ، ويشاركهم في مكاره الدهر.
وهذه النقلة الحضارية يشير إليها القرآن بصورة جلّية ، في قوله عز من قائل : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) (١).
وكان للسُنة النبوية الأثر البالغ في تدعيم وترسيخ مبدأ التكافل من خلال تأكيدها على مبدأ الأخوة وما يستلزمه من التزامات إجتماعية كقضاء حوائج الإخوان وإعانتهم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من سعىٰ في حاجة أخيه المؤمنين ، فكأنّما عبد الله تسعة آلاف سنة ، صائماً نهاره ، قائماً ليلة » (٢).
وقال صلىاللهعليهوآله : « من قضى لأخيه المؤمن حاجةً ، كان كمن عبد الله دهره » (٣).
وقال صلىاللهعليهوآله : « من مشى في عون أخيه ومنفعته ، فله ثواب المجاهدين
________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٣.
(٢) من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصّدوق ٢ : ١٩٠ ، الناشر : جماعة المدرسين ، قم ـ ط ٢ ١٤٠٤ ه.
(٣) الأمالي / الشيخ الطوسي : ٤٨١ / المجلس السابع عشر.