الاستئثار ، وفعّل قيم الإيثار والخير في نفوس معتقديه ، فخفت حدّة هذه المشكلة العويصة. وها هي اليوم تطل برأسها نذر الشؤم ، فالخبراء من سياسيين وعسكريين يصرحون بأن الحروب القادمة بين الدول هي حروب على مصادر المياه ! يأتي ذلك في غياب أو تغييب مبادئ وقيم الإسلام ، التي لو شاعت وترسّخت في نفوس الناس لعمّ السلام والخير ، واختفى شبح الحروب عن هذا الكوكب.
وكان الإسلام يعتمد على الوازع الديني في حمل الناس على التكافل في هذا الشأن ، فهو يدفعهم ـ طوعاً ـ نحو الصدقة ، ويعتبر صدقة الماء من أفضل أشكال الصدقات ، عن الرسول صلىاللهعليهوآله ـ وقد سأله رجل : ما عمل إن عملت به دخلت الجنّة ؟ قال : « اشتر سقاءً جديداً ثمّ اسق فيها حتّى تخرقها ، فإنّك لا تخرقها حتى تبلغ بها عمل الجنّة » (١).
وكان أهل البيت : يحثون المسلمين على تحقيق أعلى درجة من التعاون في هذا الشأن ، ويركزون على صدقة الماء ويكشفون عن فضيلتها ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : « أفضل الصدقة إبراد كبد حرى » (٢) ، ويقول الإمام الباقر عليهالسلام : « من سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله الله يوم لا ظل إلاّ ظله » (٣) ، وعن الإمام الصادق عليهالسلام : « إن أوّل ما يبدأ به يوم القيامة
________________
(١) عدّة الداعي / ابن فهد الحلي : ٩٢.
(٢) الكافي ٤ : ٥٧ / ٢ ، باب سقي الماء من كتاب الزكاة.
(٣) الكافي ٤ : ٥٨ / ٦ باب سقي الماء من كتاب الزكاة.