الأُولىٰ : إنّها إخبار عن يوم القيامة (١) ، وبيان إجمالي لحال المكذبين عند قيام الساعة بعد بيان بعض مباديها (٢).
الثانية : إنّها من الاُمور الواقعة بعد قيام القيامة (٣) ، وإنّ المراد بهذا الحشر هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق (٤) ، أي هو حشر بعد حشر.
وهذا الكلام لا يستند إلىٰ أساس علمي ، وترتيب الآيات وارتباطها ببعضها ينفيه كما أسلفنا ، ولأنَّ تفسير الحشر الأول بيوم القيامة سيوقع التناقض في حقّ الله تعالىٰ ، فكيف يقول تعالىٰ سنحشر من كلِّ أُمّة فوجاً يوم القيامة ، وسنحشر الناس جميعاً يوم القيامة ؟ قال ابن شهر آشوب : لا خلاف أنَّ الله يحيي الجملة يوم القيامة ، فالفوج إنّما يكون في غير القيامة (٥).
يقول السيد الطباطبائي : لو كان المراد الحشر إلىٰ العذاب ، لزم ذكر هذه الغاية دفعا للابهام ، كما في قوله تعالىٰ : ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا ) (٦) ، مع أنّه لم يذكر فيما بعد هذه الآية إلاّ العتاب والحكم الفصل دون العذاب ، والآية كما ترىٰ مطلقة لم يشر فيها إلىٰ شيءٍ يلوح إلىٰ هذا الحشر الخاص المذكور ، ويزيدها إطلاقاً قوله
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٣ : ٣٨٨. وتفسير البيضاوي ٢ : ١٨٣.
(٢) روح المعاني ٢٠ : ٢٦.
(٣) تفسير الرازي ٢٤ : ٢١٨.
(٤) روح البيان ، للبروسوي ٦ : ٣٧٣.
(٥) متشابه القرآن ٢ : ٩٧.
(٦) سورة فصلت ٤١ : ١٩.