بعدها : ( حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا ) فلم يقل : حتىٰ إذا جاءوا العذاب أو النار أو غيرها.
ويؤيد ذلك أيضا وقوع الآية والآيتين بعدها بعد نبأ دابة الأرض ، وهي من أشراط الساعة ، وقبل قوله : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) إلىٰ آخر الآيات الواصفة لوقائع يوم القيامة ، ولا معنىٰ لتقديم ذكر واقعة من وقائع يوم القيامة علىٰ ذكر شروعه ووقوع عامة ما يقع فيه ، فإنَّ الترتيب الوقوعي يقتضي ذكر حشر فوج من كلّ أُمّة لو كان من وقائع يوم القيامة بعد ذكر نفخ الصور وإتيانهم إليه داخرين.
وقد تنبّه لهذا الإشكال بعض من حمل الآية علىٰ الحشر يوم القيامة ، فقال : لعل تقديم ذكر هذه الواقعة علىٰ نفخ الصور ووقوع الواقعة للايذان بأنّ كلاً ممّا تضمّنه هذا وذاك من الأحوال طامّة كبرىٰ وداهية دهياء ، حقيقة بالتذكير علىٰ حيالها ، ولو روعي الترتيب الوقوعي لربّما توهّم أن الكل داهية واحدة.
قال : وأنت خبير بأنّه وجه مختلق غير مقنع ، ولو كان كما ذكر لكان دفع توهّم كون الحشر المذكور في الآية في غير يوم القيامة بوضع الآية بعد آية نفخ الصور مع ذكر ما يرتفع به الإبهام المذكور أولىٰ بالرعاية من دفع هذا التوهّم الذي توهّمه.
فقد بان أنَّ الآية ظاهرة في كون هذا الحشر المذكور فيها قبل يوم القيامة (١).
__________________
(١) تفسير الميزان ، للطباطبائي ١٥ : ٣٩٧.