الموافقة القطعية وبقي التنجيز بمقدار حرمة المخالفة القطعية فلابد من البحث عن جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي وعدمه ولا حاجة بل لا أثر للبحث عن منجزية العلم الإجمالي في نفسه وحدوده.
وهذا المطلب الذي ذكره السيد الخوئي قدسسره كمقدمة للبحث غريب جداً صدوره من مثله. فإنّه يرد عليه :
أوّلاً ـ انّه خلط بين التنجز العقلي وحب الذات والجبلة الطبيعية للإنسان في الفرار عن الضرر ، فإنّ احتمال العقاب في طول ثبوت تنجز التكليف بالقطع أو بالحجة أو بالاحتمال المنجز عقلاً والمراد بالتنجز هو ما تقدم من حكم العقل بحق الطاعة للمولى وقبح الارتكاب بمعنى استحقاق العقوبة على مخالفته سواء عوقب أم لا بل حتى لو قطع بأنّ المولى سوف يعفو أو لا يتمكن من معاقبته مع ذلك كان التنجز العقلي ثابتاً وكان الارتكاب قبيحاً وفاعله مستحقاً للعقاب.
نعم ، احتمال العقاب يوجب فرار الإنسان بحسب طبعه وجبلته وحبّ ذاته عن العقاب والضرر ، إلاّ أنّ هذا غير التنجز وحكم العقل بقبح الفعل واستحقاق العقوبة ولنسمّيه بالتنجز الطبيعي الجبلّي وهو في طول التنجز العقلي.
وثانياً ـ النقض بقبح التجرّي واستحقاق العقاب فيه فإنّ هذا يعني انّ التنجيز واستحقاق العقوبة ليس موضوعه مخالفة التكليف واقعاً ليكون احتمال التكليف مستلزماً لاحتمال العقاب ، وإنّما التنجّز مربوط بدرجة الانكشاف والوصول وليس احتمال التكليف مساوقاً لاحتمال العقاب ما لم يثبت في المرحلة السابقة