وأمّا في الاصول المحرزة فلأنّ التعبد باليقين أو الاحراز لما هو موضوع الأثر المباشر دون الآثار الطولية حتى إذا كانت شرعية أي اليقين التعبدي بالمستصحب يوجب الجري العملي على طبقه ، وأمّا الحكم المترتب على حكمه فهو أثر اليقين بذلك الحكم ، ولا يقين به لا وجداناً ولا تعبداً.
وقد اجيب على الاشكال تارة : بأنّ أثر الأثر أثر إذا لم يكن بواسطة عقلية ـ كما عن الميرزا ـ فيشمله إطلاق التنزيل أو الجري العملي ، واخرى : بأنّ التنزيل منصرف إلى الآثار الشرعية ولا تشمل الأثر العقلي.
والصحيح أن يقال : انّ هذا الاشكال ناجم عن تصوّر لزوم إحراز الحكم بمعنى المجعول الفعلي الخارجي لترتب تنجيزه أو تقديره ، وهذا لو كان لازماً لاستشكل الأمر في الأثر المباشر أيضاً ؛ لأنّ إحراز الموضوع المستصحب مثلاً باليقين التعبدي لا يستلزم التعبد باليقين بأثره ، أي المجعول الفعلي كما هو واضح. إلاّ أنّ أصل هذا المبنى غير صحيح ، فإنّه قد تقدم أنّ الحكم بمعنى المجعول الفعلي أمر وهمي وتصوري وليس أمراً واقعياً ، وأنّ ما يكون منجزاً ومعذراً إنّما هو احراز أو ثبوت صغرى الجعل وكبراه ، وعلى هذا الأساس يكون احراز أو ثبوت الواقع المشكوك احرازاً لصغرى الجعل المباشر المعلوم كبراه وجداناً ، وهو مع الجعل المباشر احراز لصغرى الجعل غير المباشر المعلوم كبراه وجداناً إذا لم تكن بينهما واسطة عقلية ، بخلاف ما إذا كانت واسطة في البين حيث لابد من احرازها ولا محرز لها لا وجداناً ولا تعبداً أو تنزيلاً.
وهكذا يثبت ترتب الأثر التنجيزي أو التعذيري لمؤدّى الاصول المحرزة والتنزيلية وما لها من الآثار الشرعية ، عرضية كانت أو طولية ، دون الأثر الشرعي المترتب بواسطة عقلية ، فإنّ هذا هو مقتضى التعبد باحراز الواقع