وإنّما سأل السائل عن حكم الترجيح بمخالفة العامة إذا كانا معاً موافقين للكتاب والسنة من أجل التأكيد على كفاية مجرد المخالفة للعامة في الترجيح حتى مع موافقته للكتاب والسنة ، وانّ الترجيح بها ليس طريقاً ومنصرفاً إلى الترجيح بموافقة الكتاب والسنة بل لها الموضوعية حيث كان احتمال الطريقية في مخالفة العامة من جهة انّ أحكامهم خلاف الكتاب والسنة غالباً وارداً.
هذا ، ويمكن أن يقال في مقابل كل ما ذكر : بأنّ ظاهر المقبولة لزوم طرح الخبر الذي يكون مخالفاً للكتاب والسنة ، وموافقاً للعامة بنحو المجموعية ، فإنّ هذا الظهور لا يمكن رفع اليد عنه ، وهو ظهور بيّن ، وعندئذٍ يكون من قبيل الأمر بترك الخبر الشاذ من باب عدم مقتضي الحجّية في مثل هذا الخبر الذي عرف مخالفته للكتاب والسنة النبوية وموافقته للعامة ومعارضته لخبر مشهور الصدور على خلافه ، فإنّ مثل هذا الخبر حتى إذا كان مشهوراً رواية يطمئن بعدم صحته ، بل هذا مشمول لأخبار الطرح أيضاً بناءً على عمومها للخبر قطعي الصدور.
نعم ، لا يبعد أن يستفاد من الحديث بقرينة ما سيذكره من كفاية موافقة العامة لسقوط الخبر في مورد التعارض ومن ظهور الحديث في الإشارة إلى ما يوافق العامة ليس فيه رشاد ان ذكر ذلك مع مخالفة الكتاب والسنة من أجل التنبيه على أنّهم يخالفونهما ، فيكون ظاهر الحديث كفاية مخالفة الكتاب والسنة النبوية القطعية في سقوط الخبر عن الحجّية في مورد التعارض ، فالاستقلالية بهذا المقدار مقبول ، ولكنه ليس بملاك الترجيح ، بل بملاك السقوط عن الحجّية.