ثمّ انّ القائل بالتخيير الاستمراري لابدّ وأن يقيّد ذلك بما إذا لم يكن يعلم من أوّل الأمر بابتلائه بوقائع متكرّرة وكان مفاد الخبرين معاً الزاميين كالقصر والتمام أو الجمعة والظهر وإلاّ تشكّل علم اجمالي تدريجي منجّز مانع عن التخيير الظاهري ، ولا يستفاد من أخبار التخيير الترخيص في المخالفة القطعية حتى إذا استفيد منها استمرارية التخيير ، ووجهه واضح.
ص ٤٠٣ قوله : ( وأمّا ما أفاده السيد الاستاذ ... ).
قد يناقش في هذا الاشكال ـ مع قطع النظر عمّا سيأتي في التحقيق ـ : بأنّ نقل الراوي وشهادته بصدور الحديث ليس شهادة واحدة ودالاًّ واحداً له مدلول واحد ، وهو صدور نصّ الحديث ، بل هو شهادات عديدة بعدد الدلالات والظهورات العرضية التي ينقل ويشهد الراوي بصدورها عن المعصوم ؛ لأنّ ثبوت الحديث والظهور في كلام المعصوم تعبدي لا وجداني ، أي يثبته نقل الراوي نفسه ، فتنحل إلى شهادات عديدة بعدد ما يكون في حديث الامام عليهالسلام من الظهورات والدلالات التضمنية ، فيعقل التبعض فيها في الحجّية.
وفيه : انّ المشهود به للراوي سماع الجملة واللفظ مثلاً من الإمام ، وامّا الظهورات في كلام الإمام المسموع وحجّية كل واحد منها فهي آثار ولوازم مترتبة على الحادثة الجزئية المشهود بها من قبل الراوي والواقعة لا تتعدد ولا تتكثر بتكثر الآثار الشرعية المترتبة عليها ، فإذا كانت الشهادة والنقل لها غير حجة في اثباتها كما هو معنى اسقاط الحجّية بالمرجح السندي أو بالتخيير فلا يبقى ما يثبت الأثر غير المعارض بلحاظ مورد الافتراق حيث لا يوجد كاشف آخر ولا يجدي هنا كون الحجّية من آثار المنكشف لا الكاشف لأنّ المنكشف غير متكثر بلحاظ هذا الدال أيضاً.