السيد الاستاذ الشهيد قدسسره فبما في الكتاب من انّ حكم العقل بالتنجز في موارد الشك في القدرة إنّما هو في الشك في القدرة على الامتثال لا الشك في القدرة على العصيان إذ أي معنى للقول بحكم العقل بلزوم التصدّي للعصيان وارتكاب الحرام المشكوك مقدوريته للمكلف بخلاف الشك في القدرة على الامتثال.
ويلاحظ عليه : انّ التنجز ليس معناه ذلك بل معناه مسؤولية المكلف تجاه غرض المولى وحكمه ، سواء كان ايجاباً أو تحريماً ، وانّ تفويته عليه بسبب اقدام المكلف يكون قبيحاً يستحق عليه العقوبة ، وهذا في الواجب يكون بترك الاقدام على الامتثال وفي الحرام يكون بالاقدام عليه ولو كان بنحو بحيث لو وصل إلى الحرام وكان مقدوراً كان يصدر منه بالاضطرار والاجبار ، فهو ملزم عقلاً بسدّ باب وجود الحرام ولو بترك المقدمة المفضية إلى صدور الحرام منه ولو قهراً.
وهذا لعمري واضح ، فالمنجزية في المقام ثابتة أيضاً ولا مشاحة في تسمية ذلك بالشك بالقدرة على الامتثال أو العصيان.
وأمّا السيد الخوئي فقد ذكر في وجه عدم المنجزية جريان البراءة عن الطرف المتيقن مقدوريته بلا معارض لأنّ الطرف الآخر المشكوك مقدوريته لا تجري فيه البراءة لأنّ ما يمنع عن التمسك بالعموم والإطلاق فيه يمنع عن التمسك بالأصل العملي لأنّ ما لا يعقل وضعه لا يعقل رفعه (١).
ويلاحظ عليه : انّ المانع عن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ليس من جهة عدم قابلية الوضع فيه لكي يقال بعدم قابلية الرفع أيضاً ، بل من جهة عدم
__________________
(١) الدراسات ٣ : ٤٠٢.