كما لو كان هناك سبب واحد لأثرين ، بمعنى انه يؤثر بمجموع اجزائه لو كان مركبا في كل أثر. فان متعلق الإرادة نفس السبب ، فلا تكون إلاّ إرادة واحدة متعلقة بالسبب. وفي مثل ذلك لو كان أحد المسببين محبوبا والآخر مبغوضا وفرض غلبة المبغوض ، فان جهة صدور المسبب المحبوب تكون مبغوضة ، إذ إرادة السبب مع العلم بانتهائه إلى المسبب المبغوض قبيحة. وبما انه يعتبر في المقربية عدم قبح جهة الصدور ، فلا محالة لا يكون الإتيان بالمسبب مقربا ، ولا ينفع في ذلك دعوى ان تعدد الوجود يقتضي تعدد الإيجاد ، فان جهة الصدور وإرادته واحدة بداهة. وعليه فالإيراد المذكور غير مجد في دفع الإشكال كلية.
هذا ، ولكن مورد الكلام ( وهو الصلاة مع الغصب ) خارج عما ذكرنا ، إذ هما من الأفعال الإرادية ، وعليه فكل منهما متعلق الإرادة ، فلا يكون الإتيان بالصلاة مشتملا على القبح الفاعلي ، لأن جهة صدوره غير جهة صدور الغصب.
فالإشكال المزبور انما يتم في المسببات التوليدية.
والمتحصل : انه لا إشكال في صحة الصلاة في الدار المغصوبة على القول بجواز الاجتماع في صورة العلم بالغصب وهكذا في صورة الجهل به وهو واضح كما لا يخفى.
واما على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي لوحدة المتعلق وتقديم جانب النهي ، فقد ذهب صاحب الكفاية إلى التفصيل بين صورة العلم وصورة الجهل أو النسيان ، فذهب إلى بطلان العمل العبادي في الأولى دون الثانية (١). اما بطلان العمل في صورة العلم فوجهه واضح لأن العمل مبغوض للمولى ويمتنع التقرب بما هو مبعد. واما عدم بطلانه في صورة الجهل أو النسيان فقد مر توجيهه بوجوه ثلاثة :
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٥٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.