الحكم فيما بعد الغاية من دون أي قيد وشرط ومن دون كونه مغيا بغاية معيّنة.
فالتحقيق ان يقال : ان الكلام إذا كان مسوقا لبيان الغاية فقط مع كون الحكم مفروغا عنه ، وانما كان المولى في مقام بيان غايته وحدّه ، كان مقتضى الإطلاق المقامي ثبوت المفهوم وارتفاع الحكم بحصول الغاية ، وإلاّ لم تكن الغاية غاية للحكم ، ومثال قوله تعالى : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ .. )(١) فان أصل جواز الأكل معلوم والآية مسوقة لبيان غايته. وان كان مسوقا لبيان الحكم المغيا فلا دلالة له على المفهوم لما عرفت من ان اعتبار حكم مقيد بقيد لا يتنافى مع اعتباره مقيدا بقيد آخر أو غير مقيد بقيد. فتدبر والتفت.
الجهة الثانية : في دخول الغاية في موضوع الحكم وشموله لها.
وقد ذهب صاحب الكفاية إلى عدم دخولها فيه ، لأن الغاية من حدود المغيا وحدّ الشيء يكون خارجا عنه ، وبما ان موضوع الحكم هو المغيا فلا يثبت الحكم للغاية (٢).
وقد ذكر المحقق الأصفهاني في تعليقته : ان « مبدأ الشيء ومنتهاه تارة : بمعنى أوله وآخره ، وأخرى : بمعنى ما يبتدأ من عنده وما ينتهى عنده الشيء ، ودخول الأوليين كخروج الأخريين من الشيء واضح ، والكلام في ان مدخول « حتى » و « إلى » هو المنتهى بالمعنى الأول أو الثاني. وكون الحدّ المصطلح خارجا عن حقيقة الشيء لا يقتضي ان يكون مدخولهما حدا اصطلاحيا » (٣). والّذي يظهر من كلامه قدسسره ان حد الشيء في اصطلاح المعقول خارج عن الشيء.
والّذي يبدو انه غير صحيح ، فان الحدّ في اصطلاح المعقول امر انتزاعي
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٧.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٠٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٣) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٣٣٢ ـ الطبعة الأولى.