وسقوط دليله على الثاني فيؤخذ به مع إحراز سقوط أو تقييد إطلاق الحكم الآخر.
فجعل المورد ممّا تظهر فيه ثمرة الاختلاف بين القولين لا وجه له ، إذ لا تصل النوبة إلى التخيير بعد احتمال تعيين أحدهما لسلامة دليله من السقوط أو التقييد. فتدبّر جيّدا.
تنبيه : قد يتخيّل البعض ان هذا التقسيم الّذي ذكره المحقق النائيني للحكمين المتزاحمين من كونهما مشروطين بالقدرة شرعا ، أو مشروطين بالقدرة عقلا ، أو أحدهما مشروطا بالقدرة شرعا والآخر مشروطا بها عقلا ، واختلاف الأثر باختلاف الحال في ذلك غير وجيه ، إذ جميع الأحكام الشرعية مقيّدة بالقدرة شرعا ، لأن التقييد بالقدرة الشرعية تارة : يكون في لسان نفس الدليل كتقييد وجوب الحج. وأخرى : بتقييد خاص منفصل ، كما يدعي استفادة تقييد الوضوء بالقدرة الشرعيّة من تعليق الحكم بالتيمم على عدم الوجدان ، بدعوى ان التفصيل قاطع للشركة. وثالثة : يكون ببيان عام منفصل ، وهو الثابت في جميع الأحكام بدليل نفي الحرج والاضطرار ، فانه حاكم على جميع أدلّة الأحكام ومبيّن ان ثبوت الأحكام يختص بغير مورد العسر وغير مورد الاضطرار العرفي وهو
__________________
ـ واما الصورة الثالثة ، فلا يحكم بالتعيين ، لأن الغرض المعلوم المنجز على العبد يعلم بصلاحية الغرض الآخر للبدلية عنه لتساويهما ، وانما يحتمل وجود غرض آخر يفوت بترك محتمل الأهمية ، ومجرد هذا الاحتمال لا ينفع ، كمورد الاحتمال البدوي الصرف ، فانه من موارد قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وهذا التفصيل الّذي ذكرناه موافق في الجملة لما حكي عن صاحب الكفاية. وبالبيان الّذي عرفته يندفع عنه بعض ما أورد عليه ، فراجع حاشية المحقق الأصفهاني على الكفاية. ولكنك عرفت ان هذا البيان يتم على الالتزام بما التزم به صاحب الكفاية من تحديد مورد التزاحم ، وكون الالتزام بلزوم الأهم أو التخيير مع التساوي بسبب حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض الملزم للمولى.
اما بناء على انه عبارة عن تنافي الحكمين في مقام الامتثال مع الالتزام بتكفل دليليهما الحكم الفعلي ، كان محتمل الأهمية هو المتقدم مطلقا كما أشرنا إليه في المتن.