حفظ مقدماته المفوتة ولذا يجوز له إتلاف المال قبل الاستطاعة لو لم يكن هناك وجوب آخر يدعو للمحافظة عليه ، فتكون الصورة نظير الصورة الأولى.
ومن هذا البيان يظهر انه لا أثر لتقارن وقت الامتثال ، بل الحكم المذكور جار حتى مع أسبقيّة الآخر موضوعا في امتثاله. فالتفت.
لكنه قد يشكل : بأنه وان جاز صرف المال في طريق الوفاء بالنذر ، لكنه غير واجب لأنه إذا أراد ان لا يصرفه يتحقق موضوع الواجب الآخر في ظرفه فيثبت وجوبه حينئذ فيكون رافعا لموضوع وجوب الواجب السابق زمانا من حيث الموضوع فيكشف عن عدم تحققه ، فلا تكون المقدمات واجبة لأن تركها يؤدي إلى انكشاف عدم توفر الملاك لا إلى تفويت الملاك.
ويمكن ان نشير إلى ضابط الصورتين بان الحكمين اللذين يكون أحدهما أسبق زمانا إما موضوعا أو امتثالا. إما ان يكون لكل منهما دعوة إلى مقدماته المفوتة بملاك وجوب المقدمات المفوتة ، اما لأجل حفظ الغرض الملزم أو لأجل كون الوجوب بنحو الوجوب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر ، فيقع التزاحم بينهما في وجوب المقدمات ويكون وجوب كل مقدمة رافعا لموضوع وجوب ذي المقدمة الأخرى ، فلا أثر لسبقه زمانا وعدمه. واما ان لا يكون لكل منهما دعوة نحو مقدماته المفوتة ، بل كان ذلك لأحدهما فقط ، كان ما له نظر مقدم على الآخر لأنه فعلي ولا مانع منه ، إذ ما يتصور كونه مانعا لا يصلح للمانعية فعلا ولا اقتضاء له بالنسبة إلى مقدماته المفوتة ، ولكن عرفت الإشكال في هذا البيان.
ومن هنا تعرف ما في كلام المحقق النائيني قدسسره من التسامح من إطلاق القول بتقديم الأسبق زمانا ، مع انك عرفت انه ينحصر بالصورة الأولى.
مع ان مثاله ظاهر في كون محط نظره الصورة الرابعة وهي ما كان السابق هو الوجوب لا الواجب ، وهو غير مرجح إلا بتقريب غير خال عن الإشكال ، كما عرفت.