رأسه ، وتنادوا بقتله ، فقطعه أهل الكوفة ، وأصحاب مصعب. وأبى مصعب أن يعطي الأمان لمن بقي في القصر من أصحابه ، فحاربوا إلى أن أضرّ بهم الجهد ، ثم أمّنهم وقتلهم بعد ذلك ». وهكذا خصلة كل مجرم غادر.
وفي اليوم التالي لاستشهاد المختار ، تقدّم جند مصعب إلى القصر ، وحاول أحد أنصار المختار أن يجمع المختارية ليحارب بهم مصعب ، وهو بحير بن عبد اللّه المسكي ، ولكن رجال المختار أبوا إلاّ الاستسلام لمصعب «فأبوا عليه وأمكنوا أصحاب مصعب من أنفسهم ونزلوا على حكمه فأخرجوهم مكتفين ، فأراد إطلاق العرب وقتل الموالي فأبى أصحابه عليه ، فعرضوا عليه فأمر بقتلهم جميعا» (١).
وأمر مصعب بقطع كفّ المختار ، فقُطّعت وسمّرت بمسمار إلى جانب المسجد ، وظلّت هناك حتى قدم الحجّاج بن يوسف الثقفي واليا لعبد الملك بن مروان على الكوفة ، فأمر بنزعها وربّما كان هذا راجعا إلى انتساب كل منهما إلى قبيلة ثقيف (٢).
قتل مصعب بن الزبير جميع من استسلم من رجال المختار ، وكانوا بين ستة وثمانية آلاف ، وأطلق مصعب العنان لانتقام مجرمي الكوفة الذين أرادوا الثأر لدماء آبائهم وأقربائهم من الموالي فاستحقّ من أجل ذلك ، أن يلقّب بلقب (الجزّار) ، وتتبّع شيعة بالقتل كما فعل عبيد اللّه بن زياد من قبل.
وقد وصف اليعقوبي ، المأساة بأنّها :
__________________
(١) ابن الأثير ٤ : ٦٨.
(٢) المختار الثقفي / الخربوطلي : ٣٠٩.