(عبد اللّه بن الحر الجعفي) كأنه أراد أن يواسي أميره بالبكاء واللوعة والتوبة :
تبيت النشاوى من أُمية نوما |
|
وبالطف قتلى ما ينام حميمها |
فأقسمت لا تنفك نفسي حزينة |
|
وعيني تبكي لا تجف سجومها |
حياتي أو تلقى أُمية خزية |
|
يذلّ لها ـ حتى الممات ـ قروحها |
ثم ساروا إلى الأنبار ومنها إلى قرقيسيا ، وكان بها زفر بن الحارث الكلابي عامل ابن الزبير ، فقدم لهم المال والمؤن ، وعرض عليهم البقاء في قرقيسيا وتوحيد جهودهم ليسهّل لهم القضاء على ابن زياد ، ولكن ابن صرد أصرّ على المسير لقتال ابن زياد قاتل الإمام الحسين عليهالسلام.
وكان ابن زياد في طريقه إلى قرقيسيا فأتته الأنباء بوفاة مروان بن الحكم ، وتولّيه ابنه عبد الملك ، الذي أرسل إليه يقرّه على ما ولاّه أبوه مروان ، فسار ابن زياد حتى لقى (التوابين) ، عند عين الوردة (١) فطلب منهم أن يبايعوا الخليفة الأموي الجديد عبد الملك ، فردّ عليه ابن صرد طالبا منه الاستسلام ، كما دعا جند الشام إلى خلع عبد الملك ومساعدة التوابين في إخراج عمال ابن الزبير من العراق ، وتسليم الأمر إلى أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) وكأن التوابين كانوا يعبرون تماما في ذلك الحين عن آراء المختار ومبادئه ، فقد كان المختار يدعو إلى القضاء على كل من النفوذين الأموي والزبيري بالعراق ، كما يدعو إلى إقامة خلافة علوية ، ولكن التوابين والأمويين أبوا إلاّ أن يقاتلوا في سبيل
__________________
(١) رأس عين نبع على بضعة أميال إلى الشمال من قرقيسيا على نهر الفرات ، انظر ابن الأثير ٤ : ٧٦.
(٢) أنساب الأشراف / البلاذري ٥ : ٢١.