الأغراض التي خرجوا من أجلها.
وكان من البديهي ، أن يرفض القائد الأموي شروط زعيم التوابين ، وكان معنى ذلك أن الحرب أصبحت وشيكة الوقوع.
وفعلاً اندفع التوابون من مواقعهم بقيادة سليمان بن صرد ، والتحموا مع قوات الحصين بن نمير السكوني ، والأموية التي تفوقهم كثيرا في العدد ، وذلك في يوم الأربعاء في الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة ٦٥ هـ (٤ كانون الثاني ٦٨٥م) بعد خمسة أيام من نزولهم في (عين الوردة) (١).
ويظهر من سير الاشتباكات الأولية ، أن وضع (التوابين) ، ـ برغم قلّتهم العددية ـ كان جيدا ، ومعنوياتهم بارتفاع دائم ، أما الحماس فقد بلغ حدّا لا يوصف ، وكانت تستثيره نداءات سليمان في صخب المعركة فتزيده التهابا وتأجّجا : «يا شيعة آل محمد ، يا من يطلبون بدم الشهيد ابن فاطمة ، أبشروا بكرامة اللّه عزّوجلّ ، فواللّه ما بينكم ودخول الجنّة ، والراحة من هذه الدنيا إلاّ فراق الأنفس ، والتوبة ، والوفاء بالعهد) ، وفي وسط المعمعة كان صوت سليمان يخترق الأذان مردّدا : «عباد اللّه ، من أراد البكور إلى ربّه والتوبة من ذنبه ، والوفاء بعهده فإليّ» (٢).
وكانت هذه الكلمات آخر ما ردّده القائد التوّابي وهو يشقّ بسيفه صفوف الأمويين بكلّ جرأة ، ورباطة جأش.
وانتهت معركة عين الوردة بقتل سليمان بن صرد ومعظم أصحابه (٣).
__________________
(١) الخوارج والشيعة / فلهوزن : ١٩٥.
(٢) الطبري ٧ : ٧٦.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٩ ، البداية والنهاية ٨ : ٢٥٤.