التي ضمّت آلاف الموالي بينها ، فأرسل جيشا بقيادة إبراهيم ، ليتولّى تطهير أرض الجزيرة وما يحيط بها من قبضة الأمويين ، لما علم عبد الملك بن مروان ، أرسل عبيد اللّه بن زياد بثمانين ألفا من أهل الشام لينهب الكوفة ، ويقضي على المختار وأنصاره. وقد وصل عبيد اللّه هذا إلى الموصل ، وكان عامل المختار عليها عبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، فوجه إليه عبيد اللّه رجاله ، فانحاز عبد الرحمن إلى تكريت ، وكتب إلى المختار يعرفه ذلك ، فكتب الجواب ، بصواب رأيه ، وبحمد مشورته ، وأن لا يفارق مكانه حتى يأتيه ، أمره إن شاء اللّه.
التقى الجمعان في ٩ ذي الحجة سنة ٦٦ هـ (٦٨٦م) عند الفجر قرب الموصل ، وكان جيش أهل الشام ضعف جيش المختار ، ومع ذلك فقد انتصر جيش المختار انتصارا ساحقا بعد قتال دام يومين.
وكان يزيد بن أنس ، الذي أرسله المختار لنجدة عبد الرحمن بن سعيد ، هو القائد العام لجيش المختار ، فقاد المعركة ، وهو مشرف على الموت ، من مرض أصابه ، وما لبث أن فارق الحياة.
فتولّى أمر الجيش بعده القائد ورقاء بن عازب الأسدي الذي ما لبث أن جمع أصحابه ، وقال لهم : « ماذا ترون ، أنه قد بلغني أن ابن زياد ، قد أقبل إليكم في ثمانين ألفا. وإنّما أنا رجل منكم فأشيروا علي ، فإنّي لا أرى لنا بأهل الشام طاقة على هذه الحال ، وقد هلك يزيد وتفرّق عنّا بعض من معنا ».
فقالوا : نِعْمَ ما رأيت. وتفرّق جند جيش المختار (١).
__________________
(١) الكامل / ابن الأثير ٤ : ٩٧.