فتارة ينفى وجوب الاحتياط مباشرة فيكون الرفع ظاهريّا سواء كان الحكم الواقعي ثابتا أم لا.
وأخرى ينفى وجوب الاحتياط بواسطة نفي الحكم الواقعي ، فإنّه إذا لم يكن الحكم الواقعي ثابتا شرعا فلا موضوع للاحتياط ؛ لأنّ تشريعه ـ كما عرفنا سابقا ـ كان لأجل الحفاظ على ما هو الأهمّ من الملاكات الواقعيّة ، فإذا لم تكن هذه الملاكات ثابتة واقعا فالاحتياط تجاهها منتف إذ لا موضوع له.
وحينئذ نقول : لمّا كان الامتنان مرتبطا بنفي وجوب الاحتياط ، والاحتياط يمكن نفيه بأحد هذين الوجهين ، فمن الممكن أن يكون المنظور في حديث الرفع الرفع الواقعي أيضا ، من أجل التوصّل به إلى نفي وجوب الاحتياط فيكون الاحتياط مرفوعا ولكن مع الواسطة لا مباشرة.
وعليه ، فإذا حمل الرفع على الرفع الواقعي كان الامتنان ثابتا لكون الاحتياط مرفوعا أيضا ، ولا يتعيّن أن يكون الاحتياط بنفسه مرفوعا بنحو مباشر ، وحديث الرفع ليس ظاهرا بأكثر من الامتنان وهو يتحقّق مع الواسطة أيضا ، فلا معيّن لاستظهار الرفع الظاهري من الامتنان ؛ لأنّه يصدق مع الرفع الواقعي أيضا ، حيث إنّ الاحتياط منتف بلحاظه أيضا.
الوجه الثاني : أنّ الرفع إذا كان واقعيّا فهذا يعني أخذ العلم بالتكليف فيه ، فإن كان بمعنى أخذ العلم بالتكليف المجعول قيدا فيه فهو مستحيل ثبوتا ، كما تقدّم. وإن كان بمعنى أخذ العلم بالجعل قيدا في المجعول فهو ممكن ثبوتا ، ولكنّه خلاف ظاهر الدليل جدّا ؛ لأنّ لازم ذلك أن يكون المرفوع غير المعلوم لأنّ الأوّل هو المجعول والثاني هو الجعل ، مع ظهور الحديث في أنّ العلم والرفع يتبادلان على مصبّ واحد ، وهذا بنفسه كاف لجعل الحديث ظاهرا في الرفع الظاهري ، وبذلك يثبت المطلوب.
الوجه الثاني : ما ذكره السيّد الشهيد من أنّ الرفع هو الرفع الظاهري لا الواقعي ؛ وذلك لأنّه لو كان المراد الرفع الواقعي لكان المفاد أنّ الحكم إذا لم يعلم به فهو مرفوع واقعا ، وهذا معناه أنّ ثبوت الحكم الواقعي مقيّد بالعلم به ، وهذا التقييد له نحوان :
الأوّل : أن يكون العلم بالحكم في مرحلة الجعل قيدا فيه ، بمعنى أنّ الشارع لا