فإن حمل على الرفع الواقعي للتكليف لزم أخذ العلم قيدا في الحكم وفيه محذور الدور أو التقدّم والتأخّر ، وإن أخذ العلم بالحكم في مرحلة الجعل قيدا فيه في مرحلة المجعول لزم تغاير المرفوع والمعلوم ، ولذلك يحمل الرفع على الظاهري أي وجوب الاحتياط ، وهذا فيه عناية واضحة إلا أنّه لا بدّ منها ، وعليه فالرفع عنائي ومجازي.
وحينئذ يكون إرادة الحكم والموضوع على حدّ سواء ؛ لأنّهما معا على نحو المجاز لا الحقيقة ، فيكون المعنى المستعمل هو الرفع المجازي فهناك إسناد واحد في عالم التصوّر والمفهوم وله حصّتان في عالم الصدق الخارجي ؛ لأنّه إذا شكّ في الحكم فهو مرفوع عناية أي المرفوع وجوب الاحتياط تجاهه لا الحكم نفسه ، وإذا شكّ في الموضوع فهو مرفوع أيضا بمعنى أنّه ليس موضوعا أو متعلّقا للحكم الشرعي.
التصوير الثاني : أنّ الجامع هو التكليف ، وهو يشمل الجعل بوصفه تكليفا للموضوع الكلّي المقدّر الوجود ، ويشمل المجعول بوصفه تكليفا للفرد المحقّق الوجود ، وفي الشبهة الحكميّة يشكّ في التكليف بمعنى الجعل ، وفي الشبهة الموضوعيّة يشكّ في التكليف بمعنى المجعول وهذا تصوير معقول أيضا بعد الإيمان بثبوت جعل ومجعول كما عرفت سابقا.
التصوير الثاني للجامع بين الشبهتين الحكميّة والموضوعيّة ، ما ذكره المحقّق العراقي قدسسره : من أنّ المراد بالموصول هو الحكم والتكليف ، أي رفع التكليف الذي لا يعلمونه ، فيكون الإسناد حقيقيّا وشاملا لكلتا الشبهتين.
وعنوان التكليف كما يشمل الحكم في مرحلة الجعل كذلك يشمل الحكم في مرحلة المجعول.
وتوضيح ذلك : أنّ الحكم بلحاظ الجعل هو ذاك الحكم الكلّي الذي يجعله الحاكم على الموضوع المقدّر والمفترض الوجود أي على نهج القضيّة الحقيقيّة ، فإنّ الشارع يصبّ حكمه على الصورة الذهنيّة ويكون بنحو القضيّة الحقيقيّة ، أي الحكم الكلّي على الموضوع الكلّي المقدّر والمفترض وجوده.
وأمّا الحكم بلحاظ المجعول فهو ذاك الحكم الجزئي ؛ لأنّ الحكم لا يصبح فعليّا إلا بعد تحقّق القيود والشروط المأخوذة فيه ، فإذا تحقّقت الشروط في الخارج صار الحكم فعليّا ، والحكم الفعلي هو الحكم الجزئي ؛ لأنّه تابع للخارج وللوجود الخارجي الفعلي