وأمّا الاعتراض الثاني بوجود العلم الإجمالي فقد أجيب عليه بجوابين :
الجواب الأوّل : أنّ العلم الإجمالي المذكور منحلّ بالعلم الإجمالي بوجود التكاليف في دائرة أخبار الثقات ؛ وفقا لقاعدة انحلال العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير ؛ لتوفّر كلا شرطي القاعدة فيها ، فإنّ أطراف العلم الصغير بعض أطراف الكبير ، ولا يزيد عدد المعلوم بالعلم الكبير على عدد المعلوم بالعلم الصغير ؛ ومع الانحلال تكون الشبهة خارج نطاق العلم الصغير بدويّة ، فتجري البراءة في كلّ شبهة لم يقم على ثبوت التكليف فيها أمارة معتبرة من أخبار الثقات ونحوها ، وهذا هو المطلوب.
وأما الاعتراض الثاني من وجود علم إجمالي منجّز فقد أجيب عليه بجوابين :
الجواب الأوّل : دعوى الانحلال الحقيقي ، ببيان : أنّ العلم الإجمالي المذكور منحلّ بعلم إجمالي أضيق دائرة منه ، وهذا يتوقّف على توفّر شرطين هما :
١ ـ أن تكون أطراف العلم الإجمالي الصغير داخلة في العلم الإجمالي الكبير.
٢ ـ أن يكون المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبير أقلّ أو مساويا للمعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير.
فمثلا إذا علمنا بنجاسة إناءين من عشرة إجمالا ثمّ بعد ذلك علمنا بنجاسة إناءين من خمسة إناءات ضمن العشرة ، فهنا ينحلّ العلم الإجمالي بنجاسة إناءين من العشرة إلى علم إجمالي بنجاسة إناءين من الخمسة ؛ وذلك لأنّ المفروض أنّ هذه الخمسة كانت ضمن العشرة ؛ ولأنّ المعلوم بالإجمال في العلمين متساو وهو الإناءان.
وفي مقامنا نطبّق هذه الفكرة لتوفّر كلا الشرطين فنقول : إنّ العلم الإجمالي بوجود تكاليف إلزاميّة ضمن دائرة مجموع الشبهات منحلّ إلى علم إجمالي صغير أضيق دائرة منه ؛ وذلك لأنّنا نعلم إجمالا بوجود تكاليف إلزاميّة ضمن دائرة الشبهات التي ورد فيها خبر الثقة ، أو غيره من الأصول والأمارات المنجّزة كالاستصحاب مثلا.
والمفروض أنّ دائرة الشبهات التي قام على تنجيزها خبر معتبر داخلة ضمن دائرة الشبهات المعلومة بالعلم الإجمالي الكبير هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنّ المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبير وهو وجود مائة أو ألف تكليف منجّز موجود أيضا في العلم الإجمالي الصغير إمّا بنحو مساوي أو أكثر.