تخريجات وجوب الموافقة القطعيّة
إذا اتّضحت لديك هذه المباني المختلفة فاعلم : أنّه قد ربط استتباع العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة إثباتا ونفيا بهذه المباني ، بدعوى : أنّه إذا قيل بالمبنى الأوّل مثلا فالعلم الإجمالي لا يخرج عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان المزعومة سوى الجامع ؛ لأنّه المعلوم فقط. والجامع بحدّه لا يقتضي الجمع بين الأطراف ، بل يكفي في موافقته تطبيقه على أحد أفراده.
وإذا قيل بالمبنى الثالث مثلا فالعلم الإجمالي يخرج الواقع المعلوم بتمام حدوده عن موضوع البراءة العقليّة ويكون منجّزا بالعلم ، وحيث إنّه محتمل في كلّ طرف فيحكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة للخروج عن عهدة التكليف المنجّز.
بعد أن عرفنا الاتّجاهات المختلفة في تفسير حقيقة العلم الإجمالي نأتي للكلام عن كون العلم الإجمالي يستتبع وجوب الموافقة القطعيّة أو لا؟
فقد قيل في الجواب عن هذا السؤال بأنّه مرتبط بتفسير العلم الإجمالي بدعوى أنّنا إذا قلنا بأنّ العلم الإجمالي علم بالجامع وشكّ في الفرد كما هو المسلك الأوّل ، فحيث إنّه يوجد علم تفصيلي بمقدار الجامع ، فيكون هذا المقدار خارجا عن دائرة قبح العقاب بلا بيان ؛ لأنّ الجامع قد تمّ عليه البيان فيتنجّز ، ومعنى منجّزيّته وجوب امتثاله وحرمة مخالفته.
أمّا حرمة مخالفته فقد تقدّمت وأنّه لا يجوز ترك كلا الطرفين مثلا كما في مثال الظهر والجمعة.
وأمّا وجوب الموافقة القطعيّة فحيث إنّ الجامع هو المعلوم بحدّه الجامعي فهذا يعني أنّ المطلوب هو إيجاد الجامع ، ومن الواضح أنّ الجامع يكفي في إيجاده إيجاد فرد واحد وذلك بالإتيان بإحدى الصلاتين فقط ؛ لأنّه بالإتيان بالظهر فقط أو بالجمعة