٢ ـ جريان الأصول في جميع الأطراف وعدمه
وأمّا الأمر الثاني وهو جريان الأصول الشرعيّة في جميع أطراف العلم الإجمالي ، فقد تقدّم الكلام عن ذلك بلحاظ مقام الثبوت ومقام الإثبات معا في مباحث القطع (١) ، واتّضح أنّ المشهور بين الأصوليّين استحالة جريان الأصول في جميع الأطراف ؛ لأدائه إلى الترخيص في المعصية للمقدار المعلوم أي في المخالفة القطعيّة ، وأنّ الصحيح هو إمكان جريانها في جميع الأطراف عقلا غير أنّ ذلك ليس عقلائيّا.
ومن هنا كان الارتكاز العقلائي موجبا لانصراف أدلّة الأصول عن الشمول لجميع الأطراف.
وينبغي أن يعلم أنّ ذلك إنّما هو بالنسبة إلى الأصول الشرعيّة المؤمّنة.
وأمّا الأمر الثاني : فهو البحث حول جريان الأصول الشرعيّة في تمام أطراف العلم الإجمالي وعدم جريانها.
وهذا البحث تارة يقع في مرحلة الثبوت أي الإمكان في مقابل الامتناع والاستحالة ، وأخرى يبحث فيه في مرحلة الإثبات أي بعد التسليم بأنّه ممكن عقلا فهل هو واقع في الخارج أم لا؟
والكلام عن ذلك تقدّم سابقا عند الحديث عن منجّزيّة القطع الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة ، وهناك قلنا : إنّه يوجد قولان في المسألة :
القول الأوّل : ما هو المشهور من أنّه يستحيل عقلا وثبوتا جريان الأصول الترخيصيّة في تمام أطراف العلم الإجمالي ، ووجهه هو أنّ الترخيص لتمام الأطراف يستلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال وهو الجامع الذي تمّ عليه البيان
__________________
(١) في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة ، تحت عنوان : العلم الإجمالي.