تمام أطراف العلم الإجمالي سواء كان لدينا علم آخر بوجود الترخيص إجمالا أم لا ، أمّا مع عدم وجود علم آخر فلا إشكال أصلا لا ثبوتا ولا إثباتا.
وأما مع عدم وجود مثل هذا العلم الآخر فأيضا لا إشكال ؛ لأنّه يمكن الجمع بين جريان الاستصحاب المنجّز في تمام الأطراف وبين هذا العلم الإجمالي الترخيصي ، إذ لا منافاة بينهما لا في الملاكات ؛ لأنّ أحدهما ظاهري والآخر واقعي ، ولا في الامتثال والعمل ؛ لأنّ الترخيص لا يستدعي وجوب التحرك على طبقه بل الجواز فقط ، وهذا لا يمنع من طروّ عنوان آخر مفاده الإلزام.
ومن هنا نفهم معنى قولهم : ( إنّ الأصول العمليّة إذا لم يلزم من جريانها المخالفة العمليّة للتكليف المعلوم فلا مانع من جريانها في جميع أطراف العلم الإجمالي ).
فإنّ مقصودهم من الأصول العمليّة هنا الأصول الشرعيّة المنجّزة لا العقليّة ولا الترخيصيّة مطلقا ؛ لأنّ جريان الاستصحاب في تمام أطراف العلم الإجمالي والذي يكون منجّزا للتكليف الإلزامي لا يلزم منه مخالفة عمليّة للعلم الإجمالي بوجود نجاسة ، بل العكس يلزم منه الموافقة القطعيّة ، ولا يلزم منه مخالفة عمليّة للعلم الإجمالي بوجود طهارة أيضا ضمن الإناءات المعلومة نجاستها سابقا ؛ لأنّ العلم بالطهارة لا يوجب التحرّك الفعلي وإطلاق العنان فعلا ، بل العلم بالطهارة معناه أنّه هنا يوجد مقتض لإطلاق العنان والترخيص ، وهذا المقتضي يكون مؤثّرا مع عدم وجود المانع والمفروض هنا أنّ الاستصحاب مانع من ذلك ، فيرفع اليد عنه لوجود المانع ، وبهذا ينتهي الكلام عن الأمر الثاني.
* * *