وإنّما يتحقّق المقتضي لثبوتها بعد المعارضة أي أنّها من متفرّعات المعارضة ، فكيف يمكن تصوّر دخولها في المعارضة حينئذ؟ إذ لازم دخولها في المعارضة أنّها ليست متوقّفة على المعارضة وليست متوقّفة على سقوط الاستصحاب أيضا وهو خلف حكومة الاستصحاب عليها.
وبهذا ظهر الوجه في هذه الحالة وأنّ أصالة الطهارة تبقى بلا معارض ؛ لأنّها أصل طولي (١).
ومنها : ما إذا كان دليل الأصل شاملا لكلا طرفي العلم الإجمالي بذاته ، وتوفّر دليل أصل آخر لا يشمل إلا أحد الطرفين.
ومثال ذلك : أن يكون كلّ من الطرفين موردا للاستصحاب المؤمّن ، وكان أحدهما خاصّة موردا لأصالة الطهارة.
الحالة الثانية : أن يكون هناك أصلان ترخيصيّان أحدهما شامل لكلا الطرفين والآخر مختصّ بأحدهما فقط.
مثاله : ما إذا كان لدينا إناءان حالتهما السابقة الطهارة فهنا يجري استصحاب الطهارة في كلّ منهما في نفسه وبقطع النظر عن العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما ، وذلك لتماميّة أركان الاستصحاب في كل منهما.
ولكن يفرض أنّه في أحد الإناءين تجري أصالة الطهارة دون الآخر ، وهذا يكون بناء على أنّ أصالة الطهارة لا تجري إلا في مورد النجاسة العرضيّة لا الذاتيّة.
فلو كان لدينا إناءان يعلم بسقوط قطرة دم في أحدهما وكان أحدهما ماء والآخر يشكّ في كون المائع الذي فيه من الخمر أو من العصير العنبي ، وفرض أنّ الحالة السابقة لكلا الإناءين هي الطهارة.
فهنا يجري استصحاب الطهارة في كلّ منهما لتوفّر أركانه فيهما ، إلا أنّ أصالة
__________________
(١) هذا كلّه على حكومة الاستصحاب على أصالة الطهارة ، وأمّا على إنكار حكومته عليها فيمكن تصوير المسألة بنحو آخر ، وذلك بأن يقال : إنّ أصالة الطهارة في كلّ من الإناءين تتعارضان وتتساقطان فيبقى استصحاب الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض.
والوجه في ذلك : أنّ أصالة الطهارة في هذا مسانخة لأصالة الطهارة في ذاك ، بينما استصحاب الطهارة ليس من سنخهما فيتعارض الأصلان المتسانخان فقط ، ويبقى الآخر.