بالنحو المتقدّم ، فيما إذا كان العلم وجدانيّا ، وذلك بأن يقطع وجدانا بالنجاسة كما إذا رأى بعينه قطرة دم تقع في الإناء ثمّ اشتبه الإناء النجس مع غيره ، وهذا العلم الوجداني ممّا لا إشكال في وفائه بالمنجّزيّة المذكورة.
وإنّما الكلام فيما إذا حصل لنا العلم التعبّدي بنجاسة أحد الإناءين ، كما لو قامت البيّنة على أنّ أحد الإناءين نجس ، فإنّ البيّنة لا تفيد القطع الوجداني وإنّما تفيد الظنّ فقط ، ولكن بناء على جعل الحجّيّة لها وأنّها كالعلم الوجداني في المنجّزيّة والمعذّريّة يقع البحث في أنّ هذه الأمارات هل تفي في منجّزيّة العلم الإجمالي أو لا؟
وهنا احتمالان بل قولان :
فقد يقال بالتطبيق على أساس أنّ دليل الحجّيّة يجعل الأمارة علما ، فيترتّب عليه آثار العلم الطريقي التي منها منجّزيّة العلم الإجمالي.
القول الأوّل : أنّ قيام الأمارة على ثبوت التكليف إجمالا يكون منجّزا كقيام القطع على ذلك ؛ لأنّ أدلّة الحجّيّة للأمارة مفادها جعل الأمارة علما ، فترتّب على الأمارة كلّ الآثار المترتّبة على القطع الطريقي والتي من جملتها منجّزيّة العلم الإجمالي ، فإنّ هذه المنجّزيّة ثابتة للعلم ؛ لأنّه طريق وكاشف عن الواقع ولو إجمالا ، والأمارة تقوم مقام القطع في الكاشفيّة والتنجيز والتعذير كما تقدّم في محلّه ، بناء على مسلك الميرزا من تصوير كيفيّة جعل الحكم الظاهري والجمع بينه وبين الحكم الواقعي.
وقال غيره كالمحقّق العراقي مثلا بأنّ دليل حجّيّة الأمارة حاكم على أدلّة الأصول العمليّة ، ففي مثالنا يجري في كلا الطرفين الأصل الترخيصي المؤمّن ؛ لأنّه مورده.
إلا أنّه بقيام البيّنة على النجاسة يرتفع موضوع أحد الأصلين تعبّدا ، وحيث إنّه لا يعلم بعينه وحيث إنّ العلم الإجمالي كالتفصيلي متعلّق بالواقع فيجب الاجتناب عن كلا الفردين على أساس أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
وقد يقال بعدمه على أساس أنّ الأصول إنّما تتعارض إذا أدّى جريانها في كلّ الأطراف إلى الترخيص في المخالفة القطعيّة للتكليف الواقعي ، ولا يلزم ذلك في مورد البحث لعدم العلم بمصادفة البيّنة للتكليف الواقعي.
القول الثاني : أنّ العلم التعبّدي أو قيام البيّنة ونحوها من الأمارات على ثبوت