المعيّن يكون تعيين المعلوم بالعلم الإجمالي فيه ترجيحا مع وجود المرجّح ؛ لأنّ هذا الإناء نجس على كلّ حال ، وحيث لا يوجد ما يميّز نجاسته عن النجاسة المعلومة إجمالا لعدم تقييده بشيء زائد فيكون صالحا للانطباق والسريان.
وأمّا الإناء الآخر فتعيين كونه النجس فيه ترجيح على الآخر من دون مرجّح ؛ لأنّ النسبة بينهما واحدة ولا يمتاز على الآخر بشيء يجعله أرجح منه في انطباق المعلوم عليه.
والحاصل : أنّه بعد العلم التفصيلي يصبح العلمان معا علما واحدا بنجاسة هذا الإناء المعيّن وشكّا بدويّا في نجاسة الإناء الآخر ، فتجري فيه الأصول المؤمّنة بلا معارض.
وفي كلّ حالة يثبت فيها الانحلال يجب أن يكون المعلوم التفصيلي والمعلوم الإجمالي متّحدين في الزمان ، وأمّا إذا كان المعلوم التفصيلي متأخّرا زمانا فلا انحلال للعلم الإجمالي حقيقة ؛ لعدم كون المعلوم التفصيلي حينئذ مصداقا للمعلوم الاجمالي.
شرط الانحلال : ثمّ إنّه يشترط في تحقّق الانحلال الحقيقي للعلم الإجمالي بالعلم التفصيلي أن يكون المعلوم تفصيلا والمعلوم إجمالا متّحدين في الزمان ، كأن يعلم بوقوع نجاسة في أحد الإناءين صباحا ، ثمّ يعلم تفصيلا بوقوع النجاسة في هذا الإناء بعينه صباحا أيضا ، فهنا يكون المعلوم التفصيلي مصداقا للمعلوم الإجمالي أي معيّنا ومشخّصا له ، أو يصلح لأن يكون هو نفس المعلوم إجمالا لكونه مصداقا له ولا ميزة بينهما.
وأمّا إذا كان المعلوم تفصيلا متأخّرا في الزمان عن المعلوم إجمالا فلا انحلال حقيقة ؛ إذ في هذه الحالة لن يكون المعلوم التفصيلي مصداقا للمعلوم الإجمالي لوجود الميزة بينهما.
كما إذا علم بنجاسة أحد الإناءين في الصباح ثمّ علم تفصيلا بنجاسة هذا الإناء بعينه عند الظهر ، أي أنّه تنجّس ظهرا لا صباحا ، فهنا لن يحصل الانحلال ؛ لأنّ المعلوم بالإجمال فيه ميزة وهو حدوث النجاسة صباحا ، وهذه الميزة يحرز عدم تحقّقها في المعلوم التفصيلي ؛ لأنّ النجاسة فيه حدثت ظهرا ، فهي نجاسة أخرى غير النجاسة