بمنجّز سابق على العلم الإجمالي ، فهذا الركن أيضا منهدم ؛ لأنّ العلم الإجمالي ليس صالحا لتنجيز الإناء غير المقدور على ارتكابه ، إذ معنى المنجّزيّة إدخال الشيء في عهدة المكلّف واشتغال ذمّته به وكونه مسئولا ومطالبا به ، وهذا المعنى لا يمكن تحقّقه هنا ؛ لأنّه لا يمكن دخول الإناء غير المقدور على ارتكابه في الذمّة والعهدة ؛ لأنّه لا يمكن توجيه خطاب شرعي للمكلّف به كما تقدّم ، ومع عدم الخطاب الشرعي لا تكون الذمّة مشتغلة.
وعليه ، فلا يكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز معلومه على جميع التقادير ، لأنّه على تقدير ثبوته في الإناء غير المقدور على ارتكابه لا تكليف. نعم ، على تقدير ثبوته في الإناء الموجود أمامه يوجد تكليف ، وحيث إنّه لا يعلم بثبوته فيكون المورد مشكوكا بدوا فتجري فيه البراءة بلا محذور.
بل يمكن القول هنا بناء على مسلك العلّيّة أنّ الركن الأوّل منهدم أيضا ؛ لأنّ العلم بجامع التكليف هو العلم بما يكون دخيلا في العهدة والذمّة ، وحيث إنّ الإناء غير المقدور عليه لا يمكن دخوله في الذمّة والعهدة ، فلا تكليف فيه ، إذن فلا يكون هنالك علم بجامع التكليف ، فيختلّ الركن الأوّل ويبطل العلم الإجمالي من أساسه ، أي أنّه ينحلّ حقيقة لا حكما فقط.
هذا كلّه فيما إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي غير مقدور.
وأمّا إذا كان خارجا عن محلّ الابتلاء ، فقد ذهب المشهور إلى عدم تنجيز العلم الإجمالي في هذه الحالة ، واستندوا إلى أنّ الدخول في محلّ الابتلاء شرط في التكليف ، فلا علم إجمالي بالتكليف في الحالة المذكورة ، فالعجز العقلي عن ارتكاب الطرف وخروجه عن محلّ الابتلاء يمنعان معا عن تنجيز العلم الإجمالي بملاك واحد عندهم.
الصورة الثانية : الخروج عن محلّ الابتلاء ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد إناءين أحدهما أمامه والآخر عند السلطان ، فهنا أيضا يسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة ، وأمّا الوجه في ذلك : فقد ذهب المشهور إلى أنّ سقوط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة كالصورة السابقة بسبب اختلال الركن الأوّل ، أي أنّه لا يعلم بجامع التكليف على كلّ تقدير ؛ وذلك لأنّهم يجعلون الدخول في محلّ الابتلاء شرطا في