ذلك لا علم بتكليف فعليّ ولو في عمود الزمان ، فالجامع بين تكليف في هذا الآن وتكليف يصبح فعليّا في آن متأخّر لا يقصر ـ عقلا ـ وصوله عن وصول الجامع بين تكليفين كلاهما في هذا الآن ؛ لأنّ مولويّة المولى لا تختصّ بهذا الآن كما هو واضح.
والصحيح أنّ هذا العلم الإجمالي منجّز لتماميّة أركانه وعدم اختلال شيء منها لا الأوّل ولا الثالث.
أمّا الركن الأوّل فهو موجود في مقامنا ؛ وذلك لأنّ المقصود من الركن الأوّل أي العلم بجامع التكليف الفعلي هو أن يكون هناك تكليف معلوم إجمالا في عمود الزمان ، لا في خصوص هذا الآن من الزمان ليشكل بأنّه في هذا الآن لا علم بالتكليف على كلّ تقدير ، بل على بعض التقادير.
بل المقصود أن يكون هناك تكليف معلوم أو موضوع بتمامه معلوم كذلك ، في مقابل ما إذا لم يكن التكليف معلوما ، وفي مقابل ما إذا كان المعلوم جزء الموضوع لا تمامه ، فإنّه في هذه الحالة لن يكون هناك علم إجمالي بالتكليف الفعلي ؛ لأنّ العلم بجزء الموضوع لا يكفي لثبوت التكليف ما دام الجزء الآخر من موضوعه مجهولا وغير معلوم.
فإذا علم بنجاسة الثوب أو قطعة الحديد فلا علم تكليفي فعلي على كلّ تقدير ؛ لأنّه على تقدير نجاسة الحديدة فلا تكليف فعلا ؛ لأنّها جزء الموضوع ، والجزء الآخر هو ملاقاة اليد الرطبة لهذه الحديدة.
وأمّا في مقامنا فالتكليف فعلي ، بمعنى أنّ المعلوم إجمالا هو تمام الموضوع للتكليف لا جزؤه فقط ، فالمرأة التي يسيل منها الدم هي نفسها الموجودة في بداية الشهر وفي وسطه وفي آخره ، وهذا الدم هو نفسه مستمرّ من بداية الشهر إلى آخره ، غاية الأمر أنّها تعلم بكون بعض هذا الدم حيضا لا كلّه ، إلا أنّ هذه الأيّام غير مشخّصة فقط ، ولذلك فالتكليف بحرمة المكث في المسجد واحدة في جميع أيّام الشهر ، بمعنى أنّ كلّ يوم يحتمل فيه ثبوت التكليف والحرمة فعلا لكون المعلوم تمام الموضوع لا جزأه ، فالفعليّة بهذا المعنى متحقّقة في مقامنا ، وهي المقصودة من الركن الأوّل لا أكثر.
وعليه ، فكما أنّ العلم الإجمالي بجامع التكليف الفعلي في الآن الواحد من الزمان