الآخر أي الحرمة في الأيّام اللاحقة فلا يمكن جريان الأصول الترخيصيّة فيها ؛ لأنّه لا مورد ولا موضوع للأصل بلحاظها ؛ لأنّ الأصل إنّما يجري بلحاظ التأمين عن حرمة محتملة الثبوت ، والآن فعلا لا يحتمل ثبوت الحرمة اللاحقة وإنّما يحتمل ثبوتها فيما بعد ، ولذلك تجري الأصول في هذا الطرف بلا معارض ، وهكذا تفعل في كلّ يوم من أيّام الشهر ، فتكون النتيجة عدم منجّزيّة هذا العلم الإجمالي.
وأمّا انهدامه بحسب صياغة المحقّق العراقي ، فلأنّ العلم الإجمالي لا يصلح لتنجيز معلومه فعلا على كلّ تقدير.
والوجه في ذلك : أنّه في بداية الشهر يحتمل ثبوت الحرمة والتكليف فهذا طرف ، وفي غيره من الأيّام يحتمل ثبوت الحرمة والتكليف وهذا طرف آخر ، وعليه فالمرأة من أوّل الشهر تعلم إمّا بثبوت التكليف في هذا الطرف أي في بداية الشهر ، وإمّا بثبوته في الطرف الآخر أي في آخر الشهر أو وسطه مثلا.
ولكن إذا كان المعلوم في الطرف الأوّل فهو منجّز فعلا فيكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز معلومه على هذا التقدير ، وأمّا إذا كان المعلوم في الطرف الآخر فهو غير منجّز فعلا فلا يكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز معلومه على هذا التقدير.
وعليه ، فيكون العلم الإجمالي دائرا بين تكليفين أحدهما ثابت فعلا والآخر غير ثابت فعلا ، ولذلك لا يكون منجّزا لمعلومه فعلا على كلّ تقدير ، بل على بعض التقادير ، أي على تقدير كون المعلوم في بداية الشهر لا في وسطه أو آخره ؛ لأنّه في هذه الحالة لا يكون صالحا لتنجيزه فعلا ؛ لأنّ ثبوت التكليف فرع فعليّته ، والتكليف ليس فعليّا الآن لو كان المعلوم ثابتا في آخر الشهر أو وسطه ؛ لأنّ الفعليّة فرع تحقّق القيود والشروط ومنها مجيء الزمان فإنّه قيد.
ولذلك سوف تجري الأصول في بداية الشهر بلا محذور ، وهكذا في كلّ يوم من أيّام الشهر.
والصحيح : أنّ الركن الأوّل والثالث كلاهما محفوظان في المقام.
أمّا الركن الأوّل فلأنّ المقصود بالفعليّة في قولنا : ( العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي ) ليس وجود التكليف في هذا الآن ، بل وجوده فعلا في عمود الزمان ؛ احترازا عمّا إذا كان المعلوم جزء الموضوع للتكليف دون جزئه الآخر ، فإنّه في مثل