مثلا ، ولمّا كانت الحرمة الأولى محتملة فعلا ومشكوكة فهي مورد للأصل المؤمّن ، وأمّا الحرمة الثانية فهي وإن كانت مشكوكة ولكنّها ليست موردا للأصل المؤمّن فعلا في بداية الشهر ، إذ لا يحتمل وجود الحرمة الثانية في أوّل الشهر ، وإنّما يحتمل وجودها في منتصفه فلا تقع موردا للأصل المؤمّن إلا في منتصف الشهر ، وهذا يعني أنّ المرأة في بداية الشهر تجد الأصل المؤمّن عن حرمة المكث فعلا جاريا بلا معارض ، وهو معنى عدم التنجيز.
وأمّا اختلاله بصيغته الثانية فلأنّ الحرمة المتأخّرة لا تصلح أن تكون منجّزة في بداية الشهر ؛ لأنّ تنجيز كلّ تكليف فرع ثبوته وفعليّته ، ففي بداية الشهر لا يكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز معلومه على كلّ تقدير.
الإشكال الثاني : أنّ الركن الثالث من أركان المنجّزيّة منهدم بكلتا صيغتيه :
أمّا انهدامه بحسب صياغة المشهور فلأنّ الأصول الترخيصيّة تجري في الطرف الآتي دون الطرف الاستقبالي ؛ وذلك لأنّ المرأة في بداية الشهر تحتمل ثبوت التكليف الآن إذا كانت حائض ، ولكنّها لا تعلم بثبوته فعلا بل هو مشكوك ، ولذلك تجري فيه الأصول الترخيصيّة ، وهذه الأصول لا معارض لها ؛ لأنّ ما يتصوّر كونه معارضا لها هو الأصول الترخيصيّة في الطرف الاستقبالي أي في الأيّام القادمة ، إلا أنّ الأصول الترخيصيّة لا تجري من الآن في ذلك الطرف ؛ لأنّ الأصول الترخيصيّة غايتها والمقصود منها إثبات التأمين والسعة ، والآن لا يوجد شكّ في الحرمة الآتية بل هي مقطوعة العدم الآن ، فلا مورد لجريان الأصول من الآن إذ لا موضوع لها ولا أثر لجريانها ؛ لأنّها تثبت شيئا حاصلا.
نعم ، عند حلول الطرف الآخر سوف تحتمل المرأة ثبوت الحرمة فعلا ، فتجري فيها الأصول الترخيصيّة ، ولا معارض لهذه الأصول في طرف جريانها ؛ لأنّ الطرف الذي قبلها قد انتهى وسقطت معه الأصول الترخيصيّة ، والطرف الآخر لم يأت زمانه بعد فلا حرمة فيه الآن لتجري الأصول الترخيصيّة فيها من الآن وإنّما موردها منوط في ظرف ثبوت التكليف.
والحاصل : أنّ هذه المرأة في بداية الشهر يمكن في حقّها جريان الأصول الترخيصيّة بلحاظ الطرف الأوّل ، أي احتمال الحرمة في هذا اليوم فعلا ، وأمّا بلحاظ الطرف