مثاله : المرأة التي ضاعت عليها أيّام عادتها ، فإنّها تعلم إجمالا بحرمة المكث في المسجد في بعض أيّام الشهر إجمالا ، إلا أنّ هذه الأيّام يمكن أن تكون هذه الأيّام الآن أو الأيّام الآتية ، فهي تعلم بتكليف إمّا الآن فعلا وإمّا في المستقبل.
أي أنّه على تقدير كون الأيّام هي هذه الأيام فالحرمة فعليّة ، وأمّا على تقدير كونها الأيّام الآتية فالحرمة ليست فعليّة الآن ، ولكنّها سوف تكون فعليّة في المستقبل الآتي ، هذا مع فرض كون الدم يسيل منها أثناء الشهر ، وكون عادتها بالعدد.
والسؤال هنا : هل مثل هذا العلم الإجمالي منجّز أم لا؟
أمّا المشهور فقد استشكل في منجّزيّة مثل هذا العلم الإجمالي بإشكالين :
الأوّل : أنّ الركن الأوّل مختلّ ؛ لأنّ المرأة في بداية الشهر لا علم إجمالي لها بالتكليف الفعلي ؛ لأنّها إمّا حائض فعلا فالتكليف فعلي ، وإمّا ستكون حائضا في منتصف الشهر مثلا فلا تكليف فعلا ، فلا علم بالتكليف فعلا على كلّ تقدير ، وبذلك يختلّ الركن الأوّل.
الإشكال الأوّل : أنّ الركن الأوّل من أركان منجّزيّة العلم الإجمالي وهو العلم بجامع التكليف ، أو العلم بالتكليف الفعلي على كلّ تقدير غير موجود في مثل المقام ؛ وذلك لأنّ المرأة المذكورة في المثال إذا التفتت إلى حالها في أوّل الشهر فهي لا تعلم إجمالا بجامع التكليف الفعلي على كلّ تقدير ؛ وذلك لأنّها إن كانت حائضا الآن فالتكليف فعلي بشأنها ، ويحرم عليها المكث في المسجد من الآن ، وإن لم تكن حائضا الآن فلا تكليف عليها ولا حرمة ، بل الحرمة سوف تحدث فيما بعد أي في الأيّام اللاحقة ، وحيث إنّه في كلّ يوم من أيّام الشهر سوف يجري هذا الكلام في حقّها فهي لن تعلم بالحرمة وبالتكليف إلا بعد انتهاء الشهر ، ومثل هذا العلم غير منجّز.
والحاصل : أنّه في بداية الشهر لن يتكوّن لها علم إجمالي بجامع التكليف الفعلي على كلّ تقدير ، وإنّما على بعض التقادير ، وحيث إنّ هذا البعض غير معلوم فتجري البراءة ونحوها من الأصول الترخيصيّة بلا محذور.
الثاني : أنّ الركن الثالث مختلّ ، أمّا اختلاله بصيغته الأولى فتقريبه : أنّ المرأة في بداية الشهر تحتمل حرمة المكث فعلا ، وتحتمل حرمة المكث في منتصف الشهر