يكون العلم الإجمالي منجّزا ؛ وذلك لانهدام الركن الثالث من أركان المنجّزيّة ؛ لأنّ الأصول الترخيصيّة الجارية عن وجوب وفاء الدين لن تتعارض مع الأصول الترخيصيّة عن وجوب الحجّ ؛ لأنّها لا مورد لجريانها للتأمين عن وجوب الحجّ أصلا.
وتوضيح ذلك : أنّه إذا جرى الأصل الترخيصي عن وجوب وفاء الدين سوف يثبت لنا التأمين الظاهري من ناحية وجوب الوفاء بالدين ، وحينئذ سوف يتنقّح موضوع وجوب الحجّ ؛ لأنّه مركّب من الاستطاعة وهي حاصلة وجدانا ، ومن عدم وجوب الدين وهو حاصل تعبّدا ، فإذا ثبت الموضوع صار وجوب الحجّ معلوما ومقطوعا به ، ولا شكّ فيه لكي يجري الأصل الترخيصي للتأمين عنه ؛ إذ لا مورد ولا موضوع للأصل ؛ لأنّ المورد مورد العلم لا الشكّ.
وبهذا يتّضح أنّ الأصول تجري بلا معارض للتأمين عن وجوب وفاء الدين فلا يجب الوفاء به ، وإنّما يجب الحجّ فعلا ، وهذا معناه الانحلال الحقيقي وسريان العلم من الجامع إلى الفرد ؛ لأنّ الأصل يحقّق الموضوع وجدانا.
ولا يقال : لما ذا لا تجري الأصل الترخيصي عن وجوب الحجّ أوّلا؟ فإنّ جريانه يتعارض مع جريان الأصل الترخيصي عن وجوب الوفاء بالدين ، ومقتضى التعارض التساقط وبقاء المنجّزيّة.
لأنّه يقال : إنّ الأصل الترخيصي عن وجوب الحجّ لا أثر شرعي له ؛ لأنّ الأصل إنّما يجري للتأمين عن التكليف الثابت والمنجّز ، والمفروض أنّ وجوب الحجّ ليس ثابتا إلا بعد انتفاء وجوب الوفاء بالدين ، وهذا الوجوب لا يمكن نفيه بالأصل الجاري في وجوب الحجّ ؛ لأنّه متقدّم على وجوب الحجّ ومطلق من ناحيته ، ولذلك لا يكون للأصل مورد بلحاظه.
فإن قيل : هذا يتمّ بناء على إنكار علّيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة ، واستناد عدم جريان الأصل في بعض الأطراف إلى التعارض. فما هو الموقف بناء على علّيّة العلم الإجمالي واستحالة جريان الأصل المؤمّن في بعض الأطراف ولو لم يكن له معارض؟
قد يقال : إنّ عدم منجّزيّة العلم الإجمالي وانهدام الركن الثالث إنّما يتمّ بناء على مسلك المشهور القائل باقتضاء العلم الإجمالي لتنجيز وجوب الموافقة القطعيّة ، فإنّه