وهذا لا مانع منه لوجود نكتة في المقام وهي أنّ الشارع قد يرى مصلحة في إناطة الحكم كالإباحة الواقعيّة بعدم صدور الكاشف عن الحكم المضادّ لها وهو الحرمة الواقعيّة ، ومرجع هذا التقييد في الحقيقة إلى أنّ الحرمة الفعليّة بمبادئها وملاكاتها معلّقة على صدور الخطاب الشرعي والنهي الدالّ عليها ، فإذا لم يصدر هذا الخطاب الشرعي فالحرمة شأنيّة فقط وتكون الإباحة الواقعيّة فعليّة.
وهذا نظير ما تقدّم سابقا من إمكان أخذ العلم بالحكم عن طريق خاصّ في موضوع الحكم ، فإنّ مرجعه إلى أنّ الحكم لا يكون فعليّا بمبادئه وملاكاته إلا إذا علم من هذا الطريق ، وأمّا إذا علم من طريق آخر فلا يكون فعليّا ، فإنّه أمر معقول ثبوتا وإن لم يتمّ إثباتا ، كما ادّعي ذلك بالنسبة للأحكام الشرعيّة حيث قال الأخباريّون بأنّ فعليّة الأحكام قد أخذ في موضوعها أن يعلم بها عن طريق الشرع لا العقل ، بمعنى أنّه إذا دلّ الخطاب الشرعي على الحكم صار فعليّا وإن دلّ عليه العقل فلا يكون فعليّا ، فهذا معقول ثبوتا ولكنّه لا دليل عليه إثباتا.
ومقامنا من هذا القبيل ، فإنّه إذا صدر الخطاب الشرعي بالنهي صارت الحرمة الواقعيّة فعليّة فترتفع الإباحة والحلّيّة الواقعيّة ؛ لأنّهما ضدّان وإذا لم يصدر الخطاب الشرعي بالنهي لا تكون الحرمة فعليّة ، بل الإباحة تكون هي الفعليّة.
وهذا معناه أنّ الإباحة الواقعيّة منوطة ومعلّقة على عدم صدور النهي الكاشف عن التحريم لا على عدم التحريم ليقال بالاستحالة.
الثاني : أنّ الورود يستبطن دائما حيثيّة الوصول ، ولهذا لا يتصوّر بدون مورود عليه.
ولكن هذا المقدار لا يكفي أيضا ، إذ يكفي لإشباع هذه الحيثيّة ملاحظة نفس المتعلّق مورودا عليه.
الوجه الثاني لاستظهار الوصول من الورود ما يقال : من أنّ الورود يستبطن حيثيّة الوصول ؛ لأنّ الورود بمعنى الوفود فيقال : ورد علينا ضيف أي وفد علينا ووصل ، وكما يقال : وردت على الماء أي وصلت إليه.
وحينئذ يتعيّن الوصول لا الصدور ؛ لأنّه لا يفي بحيثيّة الوفود المستبطنة في الورود.
مضافا إلى أنّ الورود يحتاج إلى مورود عليه ، أي لا بدّ أن يكون هناك شيء يرد