ومن الواضح قصور أدلة التسامح عن إثبات هذه الخصوصية ، بل على العكس من ذلك ، فان لسانها إثبات الاستحباب باثبات الثواب وإن كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يقله ، فكم فرق بين هذا اللسان ولسان تصديق العادل ، ( وأنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا ) (١) ، وأن ( ما يؤدي الراوي فعنّي يؤدي ) ، أو لسان ابقاء اليقين وعدم نقضه ، فتدبره فانه حقيق به.
وكذا الأمر إذا كانت الحجية بمعنى تنجيز الواقع عقابا كما في الواجب والحرام ، أو ثوابا كما في المستحب أو تعذيرا كما في المباح ، فان مقتضى الحجية بهذا المعنى ثبوت العقاب أو الثواب على تقدير المصادفة ، ومقتضى هذه الأخبار ثبوت الثواب مطلقا وإن لم يكن كما بلغه.
ويرد على الوجه الثاني : أن المسألة الأصولية هي القاعدة التي تبتنى عليها معرفة الأحكام العملية الكلية. وهذا إنما يكون فيما لم تكن نفس القاعدة متكفلة للحكم العملي الكلي ، بل فيما إذا كانت واسطة لاستنباط حكم عملي.
واستحباب ما دل الخبر الضعيف على استحبابه حكم عملي كلي جامع تنطبق على موارد الأخبار الضعيفة المتكلفة لاستحباب أعمال خاصة ، لا أن هذا الاستحباب الجامع واسطة في استنباط استحبابات خاصة ، ليكون مما يبتنى عليه تلك الاستحبابات المبحوث عنها في علم الفقه.
وليست المسألة الفقهية إلا ما كانت نتيجتها حكما عمليا ، سواء كان حكما عمليا كليا يندرج تحته أحكام عملية خاصة أم لا.
ولأجله استشكلنا (٢) مرارا في جعل حجية الخبر الصحيح أو حجية
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٥٣٦.
(٢) منها ما تقدم منه قده في التعليقة على تعريف المصنف قده لعلم الأصول ، نهاية الدراية : ١ ، التعليقة : ١٣.
ومنها ما ذكره في مبحث حجية خبر الواحد. نهاية الدراية : ٣ ، التعليقة : ٩١.