الحرمة ـ بناء على السببية ـ فلا يرجع إلى ايجاب وتحريم تخييريّين ، بل الى حكمين تعيينيّين ظاهريين ، والتخيير بحكم العقل لمكان عدم القدرة على امتثالهما.
وحيث إن المقصود رجوعه إلى التخيير والتعيين العقليين ، فيشكل بأن الحاكم هو العقل ، ولا معنى لتردد الحاكم ، حتى يقال : بدوران الآمر بين التعيين والتخيير ، ومقتضى الاحتياط هو التعيين. بل العقل ـ في مورد احتمال الاهمية في أحد الطرفين ـ إما أن يستقل بالتعيين أو بالتخيير.
وحيث إن مناط الاهمية في حكمه بالتخيير (١) ـ لأجل التساوي (٢) ـ هي الاهمية في نظره ، ولا أهمية في نظره ، فلذا لا دوران في نظره ، بل يستقل بالتخيير.
والجواب : أن حكم الشارع وإن كان تعيينيا ، إلا أن تعيينية الحكم الشرعي لا يمنع عن اندراج المسألة تحت مسألة التعيين والتخيير ، فان الحكم في الواجبين الشرعيين المتزاحمين تعييني لا تخييري ، ومع ذلك إذا علم بأقوائية ملاك أحدهما المعين يحكم بفعليته المطلقة وبقاء الآخر على فعليته الذاتية ، واذا احتمل اقوائيته يدور الامر بين بقاء كليهما على فعليتهما الذاتية المقتضي للتخيير في مقام الامتثال عقلا ، أو بلوغ محتمل الاهمية لمرتبة الفعلية بقول مطلق وتعيّنه في مرحلة الامتثال.
وأما حديث عدم تردد الحاكم ، فالجواب عنه أن العقل يحكم كليا بقبح التسوية بين الراجح والمرجوح ، وبقبح ترجيح احد المتساويين على الآخر ، ولا تردد له في هذه الكبرى العقلية في الطرفين ولا في ملاك هذه الكبرى ، وانما يتردد في انطباق الكبرى على مورد ، للتردد في اقوائية ملاك الحكم الشرعي في طرف من ملاكه في طرف آخر ، وهذا تردد منه لا بما هو حاكم بتلك الكبريات ولا في
__________________
(١) هكذا في الأصل ، لكن الصحيح : بالتعيين.
(٢) هكذا في الأصل ، لكن الصحيح : لأجل عدم التساوي.