العقل ، وإذا كان معلوما بالاجمال كانت المخالفة إجمالية.
وحيث إن معلومية التكليف بالاجمال راجعة إلى علم بأصل التكليف وإلى علم بأن طرفه الواقعي لا يخرج عن الطرفين ، لا أحدهما بعينه ولا أحدهما المردد ، فكذلك مخالفته ، فانه مع اتيانهما معا في الحرام يقطع بأصل مخالفة التكليف ، وأن طرف هذه المخالفة ما لا يخرج عن الطرفين ، لا أنه يقطع بمخالفة أحد الفعلين ، وإلا لزم القطع بأحدهما المردد.
فلا مخالفة في وجدان العقل للتكليف الواصل إلا باتيانهما معا أو بتركهما معا لا أن المجموع مخالفة ، كيف؟ والتكليف لم يتعلق بالمجموع ؛ ليكون مخالفته بفعل المجموع ، أو بترك المجموع ، بل تعلق بشيء يعلم بعدم خروجه عن الطرفين ، فكذلك يعلم بأن هذه المخالفة المتحققة طرفها لا يخرج عن الطرفين.
والمخالفة الكذائية في وجدان العقل حتى يكون ظلما لا تكون إلا إذا أتى بالطرفين فعلا أو تركا ، حتى يحصل له علمان على حد العلم بالتكليف والعلم بطرفه.
قلت : هذه غاية تقريب الإشكال في عدم اقتضاء العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية.
ويندفع : بأن الظلم لا ينحصر في مخالفة التكليف الواصل في وجدان العقل ، بل عدم المبالاة بأمر المولى ونهيه بعدم الانبعاث ببعثه ، وبعدم الانزجار بزجره في وجدان العقل أيضا خروج عن زي الرقية ورسم العبودية.
وقد عرفت (١) مرارا : أن الانبعاث الواقعي بالبعث الواقعي وعدمه الواقعي ليسا مناطين للحسن والقبح ، فاتضح أن الانبعاث به بفعل أحد المحتملين وعدمه في عدم الانبعاث في وجدان العقل بالبعث المعلوم على حد
__________________
(١) منها في مبحث حجية القطع التعليقة : ١٠ و ٤١.